إ. ب
في اليومين الماضيين أي في ١٧ و١٨ آذار ٢٠٢٢، قرأت خبرين على صفحات فايسبوك. الأول، يتعلّق بمشروع للنقل المشترك في مدينة زحلة تسعى البلديّة لانجازه، مبتدئة باستطلاع لآراء المواطنين الزحليين. والثاني، متعلّق باجتماع، عفويّ لكن طارئ، كما سُمّي، عُقد في دار سيّدة النجاة، أي في مطرانيّة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك، شارك فيه أساقفة المدينة مع فعاليّات سياسيّة وصناعيّة، تحت عنوان: خطوات من سيّدة النجاة للحفاظ على الأمن الغذائي في زحلة والبقاع. والجدير بالذكر أنّ الأزمة الغذائيّة متأتّية من تداعيات الحرب الروسيّة الأوكرانيّة في شرق أوروبا.
هذان الخبران استوقفاني لما فيهما من تجلّيات للفدراليّةّ.
كيف ذلك؟
أوّلًا، في مشروع النقل المشترك:
هو ليس الأوّل من نوعه، فقد كانت مدينة جبيل السبّاقة إلى هذا الامر، وها هي مدينة زحلة تحذو حذوها، وهاتان المبادرتان تأتيان من البلديّتين في كلا المدينتين، أي بمعنى آخر من السلطة المحليّة.
ثانيًا، في اجتماع سيدة النجاة:
هاك التوصيات الصادرة عنه:
1- تشكيل لجنة متابعة للأمن الغذائي في زحلة من ممثلين عن أساقفة زحلة والبقاع ومحافظة البقاع ووزارات الزراعة والصناعة والاقتصاد وبلديّة زحلة المعلّقة واتّحاد البلديّات للمتابعة اليوميّة والدوريّة لحاجات مدينة زحلة وقضائها.
2- استثمار أراضي الأبرشيّات والأوقاف والرعايا والرهبانيّات والبلديّات عبر زيادة المساحات المزروعة واستصلاح الأراضي غير الزراعيّة لزيادة إنتاج الخضار والحبوب والأعلاف بغية تأمين الغذاء لأهالي زحلة والبقاع والمواد الأوليّة للمصانع الغذائيّة والأعلاف للمزارع
3- التواصل مع الهيئات والمنظّمات الأهليّة والمتوسطيّة والدوليّة للتمويل والاستثمار لتحقيق الأمن الغذائي.
4- التواصل مع الجاليات اللبنانيّة والاغتراب والانتشار اللبناني لتأمين المساعدات اللازمة الضروريّة.
5- إعداد خطّة استراتيجيّة من قبل البلديّات والأبرشيّات والجمعيّات والأندية بمواكبة الوزارات المختصّة بغية التكامل بين المجتمع الأهلي والمدني والدولة اللبنانيّة.
6- ربط المزارعين بالصناعيّين لتسويق وتصريف إنتاجهم وتطوير سلاسل الإنتاج ذات القيمة المضافة وإزالة العوائق أمام الصّادرات اللبنانيّة مع مراعاة الأمن الغذائي الوطني.
إذا قرأنا هذه التوصيات سنجد فيها خطّة شاملة لإدارة الأزمة، كأنّما هي خطّة صادرة عن مجلس تنفيذي لمدينة زحلة.
في بندها الأوّل، تَشكيل خليّة لإدارة الأزمة. أمّا في الثاني، فترشيد لاستصلاح الأراضي الزراعية. والثالث، يطال العلاقات مع المنظّمات العالميّة والعلاقات الخارجيّة، وهنا تجلّ واضح للفدراليّة السياسيّة. يليه الرابع، والتواصل مع الانتشار. ثمّ الخامس، ووضع لخطط استراتيجيّة من قبل السلطات المحليّة الزمنيّة منها والروحيّة. وأخيرًا، تنظيم التعاون الزراعي الصناعي، الأمر الأكثر من البديهي لمدينة كزحلة تُعدّ عاصمة لسهل البقاع الزراعي.
فإذا ما تخيّلنا أنّ زحلة هي ولاية من الولايات الفدراليّة اللبنانيّة ، لن نجد صعوبة في اعتبار هذه التوصيات بنودًا تنفيذيّة لخطّة عمل شاملة لمواجهة الأزمة الغذائيّة المتوقّعة. وسيكون تنفيذ هذه الخطة سريعًا وفعّالًا لأنّ إدارة الحكم محليّة ومباشرة معتقة من القيود البيروقراطية التي تقيّد بتركيبتها نمط الإدارة المركزيّة، والتي لا يتأتى منها سوى التباطؤ في العمل وإعاقة المشاريع الإنمائيّة، عداك عن الفساد والمحاصصة وغيرها من المساوئ.
بالرغم من أنّ الأزمة عالميّة، إلّا أنّ تداعيّاتها محليّة، وواحدة منها هي الأزمة الغذائيّة المقبلة على لبنان. فهل الفدراليّة هي النظام الأفضل للبنان فيما يتعلّق بإدارة الشؤون السياسيّة والتنظيميّة المحليّة لمواجهة الازمات؟
جوابي هو نعم.