رامي أبو نقول
ينقسم المعسكر السيادي في تحليل تداعيات اعتزال سعد الحريري إلى قسمين. منهم من يعتبر هذه الخطوة نكسة للخط السيادي. تنطلق هذه النظرة من حسابات انتخابيّة، حيث يعتبر هؤلاء أنّ عدم توجيه الناخب السنّي للاقتراع لتيّار المستقبل سينتهي لا ريب بتراجع عدد النوّاب السياديّين، في المقابل حصول حزب الله على عدد من النواب السنّة، وبذلك تُحسم الأكثرية النيابية لصالح ٨ آذار حتى قبل انطلاق العمليّة الإنتخابيّة. يعترف أصحاب تلك النظريّة بأخطاء الحريري ولكنّهم يعتبرونه في نهاية المطاف سياديًّا مهما فعل.
بالمقابل، يرى القسم الثاني من السياديّين أنّ خروج الحريري من الحياة السياسيّة سيعود بالخير لخطّهم وإن كان سيزيد من عدد نواب ٨ آذار. لسان حالهم أنّ الحريري قدّم التنازل تلو الآخر منذ 2008، ما مكّن حزب اللّه تدريجيًّا من السيطرة على مفاصل الدولة. ماذا يعني، يسأل هؤلاء، أن يكون للحريري كتلة وازنة محسوبة نظريًّا على الخطّ السيادي، بينما كان أداؤها يخدم فعليًّا 8 آذار؟ يذكّر السياديّون هؤلاء بأنّ الثنائي الشيعي تمسّك بالحريري كرئيس للحكومات لسنوات. لم يكن ذلك طبعًا سوى شهادة لا تقبل الشكّ بكم هم بحاجة لغطاء سنّي لم يكن ليؤمّنه لهم أحد أكثر من الحريري بزعامته السنيّة وعلاقاته الدوليّة.
لكلّ فريق وجهة نظر والنقاش بينهما يطول. بالمقابل، ما يتّفق عليه الاثنان أنّ الانتخابات ستحدث، وأنّ المنطق يفرض التقليل من الخسائر التي ستلحق بالخطّ السيادي. يعني هذا بشكل مباشر عرقلة وصول جبران باسيل إلى قصر بعبدا، بدءًا بسحب ورقة امتلاك أكبر كتلة نيابيّة مسيحيّة من يده. بالحقيقة، يعلم الجميع أنّ عودة الغالبيّة النيابيّة إلى قبضة 8 آذار، معطوفة على عودة أكبر كتلة نيابيّة مسيحيّة إلى حضن باسيل، تضع الأخير عمليًّا على عتبة القصر. ليس صدفةً أن يعير حزب اللّه باسيل الآلاف من أصواته، أو أن يتخلّى له عن مقاعد احتلّها سابقًا حلفاء للحزب، كالقومي مثلًا. واضح أنّ حزب اللّه يسعي لنفخ كتلة باسيل ما أمكن، والحسابات الرئاسيّة خلف الأمر واضحة بدورها. ما العمل، والحال هذه؟ السيناريو الأمثل طبعًا هو رسوب باسيل في البترون، فضلًا عن سحب ورقة الكتلة النيابيّة المسيحيّة الأقوى من يده. للتذكير: رسب باسيل مرّتين في السابق، عام 2005 و 2009، ومزاج الكتلة الاغترابيّة الوزانة التي ستصوّت شمالًا ليس عونيًّا، بحسب استطلاعات الرأي. المشكلة أنّ القانون الحالي موضوع على قياس باسيل، ما يجعل من سقوطه مستبعدًا. يبقى أقلّه الحوؤل بين باسيل وزعم التمثيل المسيحي الأقوى. باختصار، المعركة معركة نقاط، لا ضربة قاضية، ويمكن حرمان باسيل من نقطة ثمينة لو لم يحصل على الكتلة المسيحيّة الأكبر. الجهود ينبغي أن تتركّز هنا.