زحلة والفدراليّة (3)

إدمون الياس بخّاش

تبلغ نسبة استيفاء الجباية الضريبيّة لبلديّة زحلة المعلّقة وتعنايل ٩٩ في المئة، والنسبة ذاتها تقريبًا تستوفيها شركة كهرباء زحلة من جباياتها على صعيد القضاء أيضًا. هذه النسب المرتفعة في جباية الضرائب لا نجدها لدى معظم البلديّات اللبنانيّة، وبخاصّة بلديّات المدن الكبيرة، لأسباب متعدّدة، لا يهمّنا ذكرها هنا.

فلو كانت هذه الجباية تُوظّف محليًّا، أي ضمن نطاق قضاء زحلة، لكان مشروع المنطقة الاقتصاديّة الحرّة الذي حملت لواءه غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة، قابلًا للإنجاز على الصعيد الماديّ بسرعة وبسهولة، لأنّ المال يُصرف في مكان إنتاجه حيث حاجات المنطقة معروفة لأهلها أكثر من غيرهم، كما يقول المثل، "أهل مكّة أدرى بشعابها".

باختصار، ماذا يتضمّن مشروع المنطقة الحرّة؟

1. مرفأً جافًّا (Dry Port).

2. طريق سريع لنقل البضائع يربط الساحل بالسهل وبالتالي بالحدود السوريّة.

3. سكّة قطارات لنقل البضائع.

وأُضيف مطارًا، لما لا، وهو فعليًّا موجود، وأعني به مطار ريّاق العسكريّ، الذي تهبط فيه طائرات من الحجم الكبير. فلما لا يكون للاستعمال المدنيّ؟

يبقى استكمال المشروع من الجانب الإداريّ والسياسيّ. إنّ تحقيق هذا المشروع يبقى صعبًا جدًّا أو ربّما مستحيلًا في ظلّ حكومة مركزيّة أثبتت فشلها في لبنان على مدى عقود.

إذًا ما البديل؟

البديل هو نظام فدراليّ سياسيّ وماليّ وإداريّ، تستطيع فيه الكانتونات الفدراليّة التعاون في ما بينها لتسهيل إنشاء المناطق الاقتصاديّة الحرّة، وربطها ببعضها البعض عن طريق مختلف المرافئ، البحريّة والجويّة والبريّة، والجميع يعلم مدى أهميّة هذه المشاريع على الصعيد الزراعيّ والصناعيّ والتجاريّ والاقتصاديّ والانمائيّ عامّةً. تمامًا على عكس ما هو الحال في التعاطي مع الحكومة المركزيّة الحاليّة، التي هي في أفضل حالات أدائها، تكون قاتلة للمشاريع الانمائيّة، بسبب تركيبتها المبنيّة على المحاصصة الطائفيّة، والتي ينخر الفساد جميع مفاصلها.

الفدراليّة هي الحلّ ليس فقط لقضاء زحلة، بل لكلّ لبنان، لأنّ تركيبة قضاء زحلة بتنوّعه الإثنو-جغرافي، شبيهة إلى حدّ بعيد بتركيبة لبنان على المستوى ذاته، والذي يصحّ لزحلة، أعتقد أنّه يصح أيضًا للبنان.