ردًّا على صيحة: زحلة صارت شيعيّة

إدمون الياس بخّاش

وصلني مقطع فيديو قصير عبر تطبيق "واتس آب" يظهر فيه مناصرون لحزب اللّه يصيحون منادين "هاي هيّة هاي هيّة زحلة صارت شيعيّة". لا أعرف المناسبة التي حصل خلالها هذا الهتاف، إلّا أنّه دلالة واضحة على أنّ الهاتفين يجهلون طبيعة زحلة وتاريخها.

فالشيعة من أساس زحلة وهم موجودون تاريخيًّا في حيّ كرك نوح، وهو من الأحياء الأساسيّة لزحلة. من مراجع التاريخ ومنها كتاب "زحلة مدينة المتصرفيّة ١٨٦٠ – ١٩٢٠" للدكتور خير المرّ، نقرأ في الصفحة ٥٥ أنّ زحلة كانت بمعظمها شيعيّة (حكمها آل حرفوش) ومن ثمّ أصبحت درزيّة تحت حكم اللمعيّين قبل أن تصبح مسيحيّة فيما بعد ذات أغلبيّة كاثوليكيّة.

الشيعة والسنّة والدروز والمسيحيون لم ينقطع وجودهم وحضورهم من زحلة، والمدافن الموجودة خلف القصر البلدي (السراي القديم) خير شاهد على ما أقول. إذًا القول بأنّ زحلة أصبحت شيعيّة ما هو إلّا من باب التجييش الشعبوي وذرّ الرماد في العيون، فالأعلام الحزبيّة الظاهرة في المقطع المصوّر نعلم خلفيّتها السياسيّة جيّدًا.

الأجدر بهم لو كانوا أصدق وأجرأ من ذلك أن يهتفوا: "هاي هيّة هاي هيّة زحلة صارت إيرانيّة"، وفي اعتقادي هذا ما يقصدونه، والكلام يختلف هنا. لأنّ المسألة تخرج من حيّزها الطائفي الضيّق الذي أثبتنا عدم صحّته بالدلالات التاريخيّة، لتكون فعليًّا مسألة سياسيّة سياديّة بامتياز. أمّا مسألة "الشيعيّة" فهي للتمويه والتخفّي خلفها.

إيران تحاول الاستيلاء على كلّ لبنان، الأمر الذي لا ولن يقبله السياديّون أبدًا. أمّا للهاتفين فنقول، أجدادكم وآباؤكم يعرفون من هي زحلة ومن هم رجالها، اذهبوا واسألوهم أو اقرأوا التاريخ جيّدًا، ومن بعدها إن تجرّأتم، فاهتفوا.