عمر حرب
هي عاصمة لبنان الثانية، منطقة لا ينقصها من المكوّنات شيء لتكون من أغنى المناطق وأكثرها تطوّرًا وتنظيمًا وتأهيلًا وإنماءًا. ولكن على الرغم من حروب ومعارك كثيرة متتالية مرّت على هذه المدينة، لم يتوقّف المشرفون والنافذون فيها من نهبها وتفقيرها وتدميرها وتجويعها وإهمالها.
من أجل أن تستعيد هذه المنطقة التنفّس من جديد، يجب التكاتف في سبيل مهمّة واحدة، ألا وهي نفض الغبار عن الإرث العام، وأعني بذلك على سبيل المثال لا الحصر: المعرض الدولي ومحطّة القطار والكورنيش البحري والقلعة والنهر والأسواق القديمة والمدينة القديمة ومرفأ الصيّادين ومرفأ التجارة ومرفأ السياحة والجُزُر المجاورة ومصفاة النفط والبنى التحتيّة غير المكتملة والحدائق العامّة والأبنية التراثيّة.
ولذلك يجب أن يتكاتف أهالي المنطقة من كافّة المذاهب لتلبية المطالب والتفاعل مع هذا المخطّط، الذي من شأنه تأمين مصلحة ومنفعة عامّة. من الضروري تفعيل كلّ ما ذُكر أعلاه، أوّلًا عبر إنشاء معامل طاقة على مختلف أنواعها، وثانيًا عبر تفعيل المناطق الصناعيّة المهجورة وإنشاء محطّات تكرير المياه المبتذلة لاستعمالها في الريّ، كون هذه المنطقة قريبة من السهول الزراعيّة، وتاليًا خطوة كهذه تساعد أيضًا في تفعيل قطاع الزراعة المنتجة في المنطقة.
من الملِحّ أيضًا هدم المخالفات الإعماريّة في الأحياء كلّها وتوسيع الطريق الدولي وهدم العمار القائم على جوانبه. ومن الخطوات الأُخرى الواجب تنفيذها من أجل تجميل المدينة وإنمائها أذكر: إزالة المخالفات على سكة الحديد وربط المناطق بطرقات فرعيّة حضاريّة، كما ربط عكّار بطريق دولي من عدة جهات كونها معزولة عن باقي المناطق، وإقامة جامعة (أو جامعات) لتفعيل دور الشباب بالنهوض وإبقائهم في مناطقهم لتطويرها، بالإضافة إلى تعزيز المدارس على كافة انواعها لتفعيل الدور التربوي والتنموي.
تحتاج طرابلس إلى تأسيس مهنيّات متطوّرة لتعزيز المهن والحرف التي تُشتهر بها المدينة: صناعة الخشب والقوارب والعفش المنزلي والحرف الخشبيّة والحدادة الصناعيّة والحدادة الافرنجيّة و صناعة الصابون.
ونصل إلى أحد أهمّ ركائز الإنماء وهو مطار القليعات الّذي يجب نفض الغبار الكثيف عنه وقطع اليد التي تمنع تفعيله، كما محاسبة كلّ من تواطأ على إطفائه. إعادة تأهيل هذا المطار باتت ملحّة كونه يوفّر فرص عمل لكلّ سكّان المنطقة من الطبقتين الوسطى والفقيرة.
وهنا لا بدّ من التطرّق إلى أهمّ أسباب موت المناطق، وطرابلس ليست استثناءًا، ألا وهي الطرقات الرديئة والازدحام المروري. فعندما تكثر النقاط في منطقة السير، لا بدّ له أن يكون منظّمًا وواضحًا. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّ تفعيل القطار، والتشجيع على اقتناء الدرّاجات الهوائيّة والناريّة هي أمور من شأنها التخفيف من مشكلة ازدحام السير، وهي متاحة وسهلة التطبيق خصوصًا وأنّ طرابلس منطقة ساحليّة ومسطّحة، وفيها مساحات خضراء تصلح للاستكشاف والتنزّه والاستراحة. وبذلك نكون بالإضافة إلى تحسين مشكلة ازدحام السير، فعّلنا دور السياحة المتنوّعة فاتحين المجال أمام فرص عمل جمّة.
بعد تأهيل البنى التحتيّة الأساسيّة، ستظهر أمامنا تلقائيًّا حلول كثيرة، وتكثر الفرص أمام كافّة الطبقات الاجتماعيّة. وهذا أقلّ ما يجب تقديمه لهذه المنطقة الجميلة، طرابلس الفيحاء ومدينة الميناء والقبّة. طرابلس المنطقة الغنيّة ولكن المهملة والمنسيّة، تارةً قسراً وتارةً طوعًا.
لكن نحن هنا، لا نكلّ ولا نمَلّ من التفعيل و التطوير، والأهمّ التخطيط.