إدمون الياس بخّاش
أستنكر وأستهجن وأرفض ما تعرّض له وزير الطاقة وليد فيّاض من تعنيف جسديّ. ليس لأنّي من مؤيّديه أو من مؤيّدي الخطّ السياسيّ الذي ينتمي إليه، على العكس، فأنا معارض ورافض لكلّ هذه المنظومة الفاشلة ولمبدأ المركزيّة السياسيّة. رفضي نابع من قناعاتي الفدراليّة السياديّة الّتي تفرض عليّ الوقوف بجانب الحقّ. لا يحقّ لأيّ مواطن لبناني أن يُعنّف مواطنًا لبنانيًا آخر تحت أيّ ذريعة كانت. العنف غير مبرّر بجميع أشكاله.
الوزير فّياض وكأيّ مواطن لبناني كان يُحاجج منتقديه كلاميًّا، وقد وجّهوا إليه الاتّهامات وساقوا أمامه الحجج الّتي نؤيّدهم بها، خصوصًا في شأن أنّ الوزير المذكور يعيش في كوكبه الخاص بعيدًا عن مشاكل وهموم الناس، حال كلّ هذه المنظومة البائسة. كان على المواجهة أن تستمرّ كلاميًّا ضمن حريّة الرأي والرأي الآخر، وبرأيي لو كانت استمرّت عل هذا النحو لكان المعترضون أفحموا الوزير وأظهروا حقيقة أدائه المخزي وأخجلوه أمام الرأي العام فاضحين ما في قوله من كذب ورياء. ولكن تطوّر المواجهة لتصل إلى التعنيف الجسديّ يضعنا مجدّدًا أمام منطق العنتريّات والاستقواء الّذي نحن من أشدّ معارضيه. وتكرّ السُبحة، لنشاهد ترهيبًا للشيخ عباس الجوهري، أثناء لقاء شعبي، بإطلاق للأعيرة الناريّة من سلاح حربي، قيل أنّ الفاعل من بيئة حزب اللّه وحركة أمل، فنِعمَ الديموقراطيّة واحترام الآخر المختلف! وها هو شاب أعزل يتعرّض للضرب العنيف لمجرّد التقاطه صورًا بهاتفه المحمول لتجمُّع ضمّ النائب إدي معلوف ومنصور فاضل. كفانا عنتريّات وكفانا تجليّات لعقليّة الأحزاب العسكريّة ومنطقها البائد. كفى!
لا أعتقد بأنّ أيّ مواطن لبناني سيادي شريف يقبل بهذا العنف، من أيّ جهة اتى، وبأيّ ذريعة كانت، فكم بالأحرى اللبناني السيادي الفدرالي الّذي يناضل في سبيل أن ينال كلّ مواطن سيادي حقّ التعبير ليس فقط عن رأيه، بل عن ذاته الثقافيّة والإيديولوجيّة والدينيّة كاملة، مُعاشة ومُصانة بالدستور والقانون في نظام فدراليّ ضمن لبنان الواحد والكامل السيادة.
لذلك، لا بدّ من حراك واسع ومواقف موّحدة رافضة ورادعة لهذه العنتريّات على أشكالها وأنواعها ومصادرها، وإلّا سيكون كما يقول المثل الشعبي، "يا عنتر مين عنترك؟ قال: تعنترت وما حدا ردّني."