لماذا ينبغي المشاركة بانتخابات 2022

شربل نوح

واهم من يظنّ أنّ الانتخابات القادمة إن حصلت ستغيّر المشهد اللبناني جذريًّا. لا ضرورة للتذكير بأنّ شيئًا لا يضمن نزاهة الفرز وإعلان النتائج. مع ذلك، مقاطعة الانتخابات خطأ، وتجربتنا معها عام 1992 لا تشجّع تكرارها.

ومن خارج كلّ وهم كبير، نرى أنّ بإمكان المشاركة السياديّة الكثيفة لو حصلت أن تحقّق أمرين: 1) سحب الغطاء المسيحي من تحت أقدام حلفاء إيران، و تجريدهم من إحدى أوراق قوّتهم الداخليّة التي استعملوها طويلًا لمصالحهم. 2) إقامة توازن معطّل لأيّ سياسة ترفضها الاطراف السياديّة، وهو بالمناسبة الأسلوب عينه الذي لجأت إليه قوى الممانعة بالسابق. بمعنى آخر، إن كنّا لا نستطيع الفوز بالاكثريّة نتيجة المعطيات التي ذكرتها في مطلع هذا النصّ، علينا أقلّه ان نوصل قوة سياسيّة وازنة قادرة على تعطيل أيّ قرار يضرّ بمصلحتنا الوطنيّة.

بالحقيقة، بعد الانقلاب الذي أحدثته ثورة الأرز عام 2005، بدأ المسار التراجعي للقضيّة اللبنانيّة منذ تتالت الاغتيالات التي طالت رموزها واحدًا تلو الآخر، وصولًا إلى إقفال وسط بيروت و المجلس النيابي ثمّ اجتياح بيروت والجبل في الثامن من أيّار عام 2008 والذي كان محطّة مفصليّة في هذا المسار. لقد كان من نتائج الضربات المتلاحقة أن عادت قوى المنظومة السابقة بقوّة إلى القرار السياسي خصوصًا بعد اتّفاق الدوحة الذي سلّمت القوى السياديّة عبره بالأمر الواقع الجديد، ليبدأ اثر ذلك مسار عزل لبنان عن محيطه والعالم، و انحداره، وصولًا إلى الانهيار التام.

هذه الاستعادة السريعة ضروريّة لمقاربة الانتخابات لأنّها تذكّرنا بأنّ الانهيار لم يحصل لأسباب تقنيّة، بل سياسيّة أوّلًا؛ ضروريٌّ تاليًا أن يعبّر ردّنا عن رفض سياسي لكسر لبنان واستتباعه. ولا ينبغي أن ننسى أنّ فقدان السيادة الذي نعاني منه اليوم لم يكن حدثًا، بل مسارًا تتالت وقائعه حتّى وصلنا إلى ما وصلنا إليه. الخلاص بدوره لن يكون أعجوبة تغيّر واقعنا بين ليلة وضحاها، بل مسارًا معاكسًا يتشكّل من محطّات ونقاط نراكمها لمصلحة قضيّتنا. الانتخابات واحدة من هذه المحطّات. لذا علينا المشاركة بها و التصويت للسياديّين سواء انضووا بأحزاب، أو كانوا مستقلّين خارجها. وعلينا أن نصدّق أنّ خياراتنا مهمّة، وأنّ انكفاءنا سيتسّبب بالمزيد من الانهيار لوطننا المتعب. الانكفاء عن استحقاق الانتخابات، وإرادة التغيير نقيضان لا يلتقيان.