فؤاد المطران
منذ قبل استقلال إيرلندا عن الحكم البريطاني عام 1922، دأب حزب "شين فين" الإيرلندي (الناشط في جمهوريّة إيرلندا وإيرلندا الشماليّة) على المشاركة في انتخابات البرلمان البريطاني، رافضًا أن يتولّى نوّابه المنتخبين مهامهم في المجلس. هذه السياسة استمرّت في إيرلندا الشماليّة، رفضًا للاعتراف بسيادة التاج البريطاني على أراضي إيرلندا.
مثل هذه الأمثلة يمكن استحضارها اليوم بعد انتهاء الانتخابات النيابيّة في لبنان، رغم أنّ أوجه الشبه بين البلدين وبين المرحلتين قليلة. لكن فكرة تحويل الانتخابات ومعها البرلمان إلى "ميدان" للمواجهة بهدف التحرّر من أمرٍ واقع، تستحقّ التطرّق إلى حالات مشابهة.
بيد أنّ المعضلة المعقّدة التي تبرز في لبنان تكمن بإمكانيّة خلق توازن دقيق بين المواجهة لاستعادة سيادة الدولة ورفع الهيمنة عنها، وبين ضرورة إقرار إصلاحات تشريعيّة تسمح بتخفيف أعباء الكوارث الاقتصاديّة التي لحقت بالمواطن اللبناني منذ أكثر من سنتين.
ولسنا هنا بصدد وضع هاتين النقطتين على قدم المساواة، فسيادة الدولة تفرض نفسها كهدف جوهري يسمو فوق جميع الأهداف الأخرى، إلّا أنّ إغفال الشقّ الإصلاحي غير ممكن أيضًا: فكيف باستطاعتنا أساسًا أن نكمل المواجهة إذا كنّا منهكين اقتصاديًّا؟
وأميل شخصيًّا إلى طرح يقضي برفع عريضة لمجلس الأمن الدولي تحمل تواقيع النوّاب السياديّين، ندعوه فيها لتطبيق القرار 1559، ولو أدّت تداعيات هذه الخطوة إلى إغلاق المجلس وتعطيله تمامًا.
كما أبدي قليلًا من التفهّم لمن يعطي الأولويّة للإصلاحات الاقتصاديّة، رغم قناعتي التامّة أنّ التضحية بالسيادة لن تضمن تطبيق إصلاح واحد جرّاء الارتباط العضوي بين السلاح والفساد.
فهل فعلًا يمكن لهذا المجلس أن يحقّق الهدفين معًا؟ أو يجب الاختيار بينهما وفقًا لأولويّات ومتطلّبات المرحلة؟ وأيّ هدف يجب الاختيار؟