سفاح القاع اسمه الياس ضاهر

جان نمّور


وكأن لبنان لا يكفيه مشاكله السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة لتطلّ علينا جريمة القاع لتزيد على المشهد البشع، بشاعة لا توصف، رجل في منتصف العقد الخامس يعتدي جنسيًّا على مجموعة من الأولاد بجريمة فظيعة لا تغتفر.

أشدّ فظاعة من الجريمة هي محاولات التستّر عليها، في وقت أن الموجب الأخلاقي يفرض علينا التشهير بالسفّاح (فكان عنوان المقالة) وحماية الضحايا للتخفيف من آثارها السلبيّة عليهم ومساعدتهم على سلوك طريق المصالحة وتضميد جراحهم عبر الاقتصاص من المعتدي بالطرق القانونيّة.

ليس لدينا شكّ بأنّ القضاء اللبناني سوف يتعامل بشكل حازم مع الجريمة، إلّا أنّ ما يشغل بالنا في جرائم مماثلة هو أنّ إجراءات المحاكمة في لبنان لجهة جمع الأدلّة ومواجهة الضحايا بالمعتدي سوف تكون قاسية عليهم، ما يفرض تطوير النظام القضائي للتعاطي بسلاسة أكبر مع الضحايا وإحاطتهم بفريقٍ متخصّص لتقديم لهم الدعم والمساعدة خلال إجراءات المحاكمة وبعدها لتمكين الضحايا من تخطّي الاعتداء.

يبقى الأهمّ الوعي عند الأهل، أنّ جرائم التحرّش في تزايد مستمرّ في لبنان والعالم وتأخذ أبعادًا وأشكالًا مختلفة وعلينا التنبّه لهذا الواقع، وهي غالبًا ما تحصل في بيئات يشعر فيها الطفل بالأمان، فينقضّ السفاح عليه على غفلة من أهله، فإنّ أيّ تقصير في هذا الإطار في مراقبة الطفل يمكن أن تكون له نتائج كارثية على واقعه وحياته ومستقبله وصحّته النفسيّة.

أخيرًا، إنّ العمليّة التربويّة هدفها إطلاق مسيرة التحرّر من الأفكار المعلّبة والمتوارثة كالمبالغة في تمجيد السلطة الأبويّة والتستّر عن جرائم التحرّش و/أو التعامل معها باستخفاف و/أو إلقاء اللوم على الطفل و/أو التعامل بخفة مع أقوال الأطفال خصوصًا إذا كان المتحرّش من أفراد العائلة.

إنّ التربية فنّ هدفها بناء جيل قادر على التعبير عن أفكاره بوضوح وعمّا يدور حوله ومعه بعيدًا عن الخوف والسلطة العائليّة والأبويّة، أمّا تحدّي المجتمع يبقى في تحويل ضحايا جرائم مماثلة (قدر الإمكان) الى مصدر قوّة لكي يستطيعوا هم بدورهم تقديم المساعدة لضحايا آخرين.