الكنيسة والسياسة : أمثلة من العالم

هشام بو ناصيف

في العام 1980، اغتال مسلّحون الكاردينال أوسكار روميرو، رئيس أساقفة السان سيلفادور، بينما كان يحتفل بالذبيحة الالهيّة. رفع روميرو صوته ضدّ الفقر، والاغتيالات السياسيّة، وخطف المعارضين اليساريّين وتعذيبهم. في مارس من ذلك العام دعا روميرو ضبّاط الجيش وجنوده للتوقّف عن إطاعة أوامر النظام اليميني الحاكم، فقتل في اليوم التالي.

بعدها بسنوات، في العام 1986، قاد الكاردينال جايمي سين ثورة الشعب الفيليبني ضدّ نظام فرديناند ماركوس. وعندما أرسل الاخير القوّات الخاصّة لمواجهة الشعب في شوارع مانيلا، أرسل الكاردينال سين راهبات ليقفن بوجه الدبّابات. تلكّأ الجنود عن قتلهنّ، وانفرط عقد الجيش بسرعة، وانتهى حكم ماركوس. بداية التحوّل الديموقراطي بالفيليبين مرتبطة مباشرة بقرار كاردينال شجاع الانحياز لشعبه ضدّ طغمة حاكمة بظروف شديدة الصعوبة والتعقيد.

وفي العام 2000، قال كاردينال كاثوليكي آخر يدعى نصر اللّه صفير لا مدويّة لسلطة احتلال وعملائها في لبنان. أطلق صفير مسارًا، وساهم بصناعة انتصار كبير، بدّدته بعد العام 2005 حسابات صغيرة كأصحابها.

روميرو، وسين، وصفير، كرادلة كاثوليك لعبوا أدوارًا سياسيّة شجاعة يوم اقتضت مراحل خطرة أن يفعلوا. يتابع البطريرك بشارة الراعي اليوم نفس المسيرة. لا يمكن لرأس الكنيسة في لبنان أن يفعل غير ما يفعله حاليًّا؛ لو يسكت بطريرك الموارنة عن قهر لبنان لا يعود بطريركًا لهم. ثمّ أنّ سكوت بكركي يعني أن استسلام لبنان اكتمل، وهي لن تسكت. من يظنّ أنّه يستطيع اخافتها جاهل حقًّا.