فؤاد مطران
قد يتفاجأ القارئ بعنوان صادم كهذا، إذ اعتدنا على تكرار أمثلة اعتبرناها من البديهيّات، تنظر للأمل كمتطلّب أساسي بوجه الصعوبات أو المخاطر المحيطة بهم مهما عظمت... "فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، أليس كذلك؟
لكن هل تساءلنا ماذا حلّ بصاحب هذا المثل الشعبي؟ هل فاده التمسك بالأمل فعلًا؟ ألم يكبّله "الأمل" عن البحث على فسحات أخرى أجدى له؟
وإذا نظرنا إلى واقعنا اللبناني، تحديدًا واقع الجمهور الرافض لهيمنة "حزب اللّه" على لبنان، يصبح التساؤل حول جدوى الأمل ضرورة ملحّة أكثر من أيّ شيء آخر.
ففي وقت نحتاج فيه أن نشكّك بجميع قادتنا ورموزنا، وبمؤسّساتنا وأحزابنا، وبالخطوات والمواقف التي اتّخذناها ونتّخذها ومسارنا السياسي عامّة... لن نحتاج إلى أمل يبقي جميع ما سبق تعداده على حاله.
فعوض أن نقوم بمراجعة سياسة شاملة، إذ لا يعقل أن تكون مصائبنا ناجمة فقط عن "الآخر" أو "العوامل الخارجية"... نلجأ للأمل ليصبّرنا على مشاكلنا وواقعنا.
فهل نتمسّك بالأمل مثلًا لأنّ أحزابنا استبقت أزمة انحلال الدولة وحصّنت مجتمعاتها من تداعياته؟ أو نتمسّك بالأمل لأنّها حذّرتنا من كارثة اقتصاديّة ضيّعت مدّخرات شعب بأكمله؟
أو نتمسك بالأمل لأنّ الكنيسة، التي تشكل عبر مؤسّساتها العمود الفقري للتعليم في لبنان، وضعت خطّة من زمن بعيد كي لا تبقى مدارسها منشآت استثماريّة وتجنّب طلّابها خطر التسرّب المدرسي؟
إنّ أقصر طريق نسلكه اليوم نحو الانتحار، هو ذلك الذي يبقي الأمور على حالها، مع القادة والمؤسسات والنهج عينه منذ 17 سنة، واهمين أنفسنا أنّ الأمل حقيقي.
لكنّ تحطيم أمل واهم ومعه أصنام الماضي... قد يفتح حينها باب أمل واقعي يستند إلى استراتيجيّة واضحة.