بعد النيترات بالمرفأ، أسلحة في المطار

هشام بو ناصيف


الخبر الذي تناقلته صحف اليوم السبت لا ينبغي (بالمبدأ) أن يمرّ مرور الكرام: ايران تعتزم استعمال مطار بيروت لتهريب أسلحة ل"حزب اللّه"، بعد أن أحبطت الغارات الاسرائيليّة المتكرّرة على سوريا المحاولات الايرانيّة لتهريب السلاح منها، واسرائيل تهدّد بقصف المطار. يعني هذا أنّ اللبنانيّين الذين فقدوا مرفأ بيروت بالانفجار الشهير الذي دمّر  العاصمة، وأودى بحياة 220 مواطنا، مهدّدون اليوم بكارثة جديدة تصيب المطار هذه المرّة. ومن يعلم تاريخ لبنان، يذكر أنّ بداية سقوطنا في جحيمنا المستمرّ منذ عقود سطّرها ارهابيّو جورج حبش عام 1968، يوم شنّت ما سميّ ب"الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين" هجوما على طائرة مدنيّة اسرائيليّة، فردّت اسرائيل بغارة على مطار بيروت. 

رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع طالب الحكومة اللبنانيّة بالاجتماع لدراسة الموقف، وهو فعلا خطير. ولكن من ينتظر من نجيب ميقاتي ووزرائه أيّ خطوة شجاعة في هذا المجال، سينتظر طويلا. دعوة جعجع مصيبة على المستوى النظري، وهو الزعيم اللبناني الوحيد الذي أثار الموضوع؛ عمليّا، بالمقابل، كلامه الموجّه ل"الحكومة" هو رسالة الى غائب عن السمع. ومن نافل القول، بطبيعة الحال، أنّ سليمان فرنجيّة، اللاهث خلف طموحه المعروف، لن يثير هذا الموضوع مع حلفائه، علما أنّه أخطر ما يهدّد دولة يطمح لرئاستها. كما لن يثير جبران باسيل القضيّة: هبّته الأخيرة ضدّ "حزب اللّه" مقتصرة على موضوع "حقوق المسيحيّين"؛ وهذه الحقوق هي الاسم الحركي لحصّة باسيل من كعكة السلطة. ومتّى أمّن باسيل الحصّة المذكورة، فلا مشكلة ولو هرّبت ايران سلاحا نوويّا عبر مطارنا. أمّا النوّاب الجدد، فدورهم الحقيقي أن يوهموا الناس أنّ الفساد مسألة منفصلة عن السيادة، وأنّ بالامكان مكافحته، وتنمية الاقتصاد، ولو أنّ ايران وامتداداتها يضعوننا على فوهة بركان منذ عقود. هؤلاء "التغييريّين" سيتجاهلون الخبر، وسيحضّرون أنفسهم لجلسة انتخاب جديدة يواجهون فيها الاحتلال الايراني للبنان بالتصويت لعصام خليفة، أو بالورقة البيضاء "المخزوقة"، أو بسائر الحرتقات التي عرفوا بها. 

ماذا يعني خبر الأسلحة الايرانيّة في مطار بيروت؟ الجواب، ببساطة، أنّ ما قيل عن أنّ الترسيم الحدودي البحري مع اسرائيل ينهي وظيفتنا كقاعدة صواريخ ايرانيّة متقدّمة على المتوسّط غير صحيح. بالحقيقة، هذه الوظيفة لن تنتهي ما بقي النظام الايراني قائما، الّا اذا خرجنا من منطق لبنان الموحّد الى اقامة المنطقة الحرّة، وهذا ما لن يجرؤ كثر على الاقرار به بطبيعة الحال. وبمجرّد أن بقينا كجرم يدور بالفلك الايراني، فكلّ شعارات الاصلاح أو تغيير النظام ساقطة. ومن يرطن بالاصلاح في دولة محتلّة، غبي، أو كذّاب، أو الاثنين معا.

وعموما، البلاد هذا الصباح منشغلة كثيرا بأخبار رياض سلامة مع ستيفاني صليبا. لا بأس. ولكنّ الخبر الحقيقي اليوم له علاقة بالمطار، لا بغراميّات حاكم مصرف لبنان.