هشام بو ناصيف - وانّما المطلوب هو الصمود

 

في "النيويورك تايمز" اليوم الأحد تقرير لعلّه الأفضل منذ بدأت الحرب في اوكرانيا عن أسباب الفشل العسكري الروسي. هذه أهمّها: 1) فلاديمير بوتين محاط بمستشارين يوافقون فورا على كلّ آرائه. حتّى عندما لا تسير الأمور على ما يرام، تتأخّر المعلومات بالوصول اليه، ان وصلت. 2) الفساد يأكل الماكينة العسكريّة الروسيّة من الداخل، ولا رقيب، لأنّ أحدا لا يحاسب ما بقي مواليا للنظام. يعني هذا أنّ مليارات الروبلات التي كان من المفترض أن تصرف على تحديث الماكينة العسكريّة الروسيّة قبل الحرب هدرت. 3) كي يضمن ولاء الجيش، وتحكّمه التامّ به، قسّم بوتين العديد المهاجم الى عدّة وحدات لا ترتبط بعضها ببعض، بل ترتبط كلّها به شخصيّا. هذه الوحدات لا تنسّق مع بعضها، وأحيانا تتحوّل المنافسة بينها الى صدام عسكري. 4) كي يضمن بوتين المزيد من السيطرة، الجيش الروسي شديد المركزيّة. حتّى لو ظهرت فجأة مكامن ضعف اوكرانيّة، لا يستطيع الضبّاط الروس الميدانيّون الاستفادة منها قبل أن تدرس القيادة المركزيّة في موسكو الأمر، وتوافق. غالبا ما يستغرق الأمر يوم أو يومين، فتضيع الفرصة بالأثناء.

أي مهتمّ بدراسة العلاقات المدنية – العسكريّة بالأنظمة الاوتوقراطيّة لن يفاجئه كلّ هذا. بالحقيقة، المشاكل الروسيّة الحاليّة هي مشاكل كلاسيكيّة تواجه الاداء العسكري  (Battlefield Performance) لجيوش الأنظمة الأوتوقراطيّة، حيث الأولويّة للحفاظ على أمن النظام، لا الأمن القومي. تحديدا، من يدرس تاريخ الهزائم العسكريّة العربيّة المتكرّرة بالقرن العشرين – بمواجهة اسرائيل، طبعا؛ وايران، بالسنوات الأولى للحرب العراقيّة-الايرانيّة؛ وحتّى تشاد في الحرب الليبيّة-التشاديّة – سيقع على نفس المعطيات والمشاكل التي تعيق اليوم الاداء الروسي.

والحال أنّ هذه الأنظمة الاوتوقراطيّة المعادية للديموقراطيّة الغربيّة، كروسيا، وايران، وحتّى الصين، غالبا ما تكشفها ساعات الحقيقة كنمر من ورق. والحال أيضا أنّ كلّ من اصطدم جديّا بالديموقراطيّات الغربيّة، خسر: من النازيّة، الىى الشيوعيّة، الى الأصوليّة الاسلاميّة مع القاعدة، وداعش. هل يأتي الدور قريبا على النظامين الشرّيرين، أعني ايران، وروسيا؟ من يعش ير. ولكنّ الأكيد هو التالي: ان أتى الدور على رأس الأفعى، ان صحّ التعبير، فالأذناب لن تكون بمنأى. 

وانّما المطلوب هو الصمود.