لا تُخادِعوا بإسم الفاتيكان: العلّة في الحزب لا المسيحيين

تامر موسى

تحت عنوان "استياء فاتيكاني من السياسيين المسيحيين: لبنان أصغر من أيّ فدرالية" كتب الصحافي منير الربيع في جريدة "المدن" الالكترونية مقالًا ضمّنه العديد من المغالطات التي تُوجب التّصويب.


في الأساس، إنّ نقل الكلام عن "مصادر فاتيكانية" هو مسألة لا تليق بصحفي محترم، كون القاصي والداني يعلم بأنّ الفاتيكان لا تُمرّر رسائلها للداخل عبر مصادر، كما أنّ ما دأبت عليه بعض الأقلام في تعميم أقوال عن لسان الفاتيكان وهي تعلم أنّ الأخيرة لن تلجأ لأيّ ردّ أو توضيح، هو استغلال مُعيب.


في المضمون، كلّ ما ورد في المقال بدءًا من عنوانه حتّى كافّة أجزائه، مُنافي للحقيقة، والأَولى أن يُنقل الكلام الذي يُبتغى تسويقه من قبل رئيس حزب لبناني يُجالسه الكاتب أسبوعيًا أو عند الضرورة، على لسان هذه الشخصية لا أو تُلبّس زورًا للمصادر الفاتيكانية، غير الموجودة أصلًا.


وبعد، لأخذ العلم، من قبل الكاتب والموقع المحترمين، فإنّ مواقف الفاتيكان الفعلية لا المفبركة تتناقض تمامًا مع سرديّات المقال، الذي يصبّ في مندرجاته، عن قصد أو عن غير قصد، في تأييد مواقف الممانعة، وعلى رأسها حزب الله، الذي لا يألو جهدًا إلا ويعمل على تصوير الأزمة اللبنانية ومن ضمنها المشكلة الرئاسية، على أنّها مسيحية لا وطنية، لرفع المسؤولية عن كاهله.


وما استشهاد الكاتب بموقف للبطريرك المعوشي سوى انتقاصًا من الوقائع، التي تُشير إلى أنّ الأخير قد كان على خِلاف كبير مع الرئيسين كميل شمعون وفؤاد شهاب، اللذين يُعتبران أحد أعظم رجالات الدولة في لبنان، ويشهد القاصي والداني بأنّنا نعيش اليوم على فُتات ما بناه الرئيس شهاب، وبالتالي ما ورد في سياق المقال، لا يمتّ للقراءة الموضوعية والتاريخية السّليمة بصلة.


إنّ الكاتب منير الربيع، ارتكب في مقاله خطأ جسيمًا تمثّل في تغييبه دور حزب الله وحلفاءه في إيصال لبنان إلى ما وصل إليه، من وضعه لبنان في عزلة عن العالمين العربي والغربي وتحويله لبنان إلى منصّة لانتاج وتصدير الكبتاغون وتشويهه سمعة لبنان في كلّ المحافل الدولية جرّاء جرائمه وشبكاته من الاغتيال إلى التبييض والاتجار، كما خطفه قرار الدولة العسكري والامني والسياسي والاقتصادي والمالي والقضائي ووضعه في خدمة مصالح طهران على حساب لبنان واللبنانيين، عدا عن تغطيته الفساد والموبقات في الادارة والمؤسسات العامة وتشريعه ضرب الدستور والقوانين والتفلّت من العقاب وإسقاطه كلّ الحدود والمعابر لتمرير صفقاته الخاصة وتعويم أجندته الخارجية.


فأين غاب التفنيد الموضوعي للفساد الذي استشرى منذ عقود وتحديدًا في السنوات الـ٦ الأخيرة خلال مقاربة الأزمة اللبنانية في صلب المقال المذكور؟ ولِمَ هذا التعميم المشبوه في تحميل المسيحيين هذه المسؤولية؟ هل فات الكاتب بأنّ المسيحيين شعب يُحاسب وقد وجّه صفعة مدويّة للتيار الوطني الحر في الانتخابات النيابية الاخيرة على كلّ ما ارتكبه من التحالفات المناقضة للخط المسيحي التاريخي إلى الأداء في الادارة، حيث بلغ حجمه الـ٢٠٪؜ فقط من المسيحيين، ولولا حزب الله وحركة أمل والقوى الموالية لسوريا، لما حصد ما حصده من تكتل نيابي عريض؟


المسيحيون قالوا كلمتهم في الانتخابات الاخيرة وهم بنسبة تُقارب ٨٠٪؜ صوّتوا ضد "الوطني الحر" الذي ارتبط بالممانعة والفساد، وهم صوّتوا ضد كلّ منظومتها، وكلّ مَن وما يُمكن أن يُمثّلها، لأنّهم يُحاسبون وملتزمون بوجودهم ودورهم، ويجرؤون على تحديد المشكلة ومواجهتها وعدم الرضوخ لها أو المساومة معها، لأنّ ما عدا ذلك فلن يبقى لا وجود ولا مسيحيين ولا شعب لبناني ولا لبنان.