نسيم شلهوب - الفدراليّة والمسألة الضريبيّة: أفكار أوّليّة

كما جلّ المواضيع الأساسيّة بالنظام المركزي اللبناني الحالي، المسألة الضريبيّة معقّدة وغير فعّالة .تعتمد البلاد بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة التي تشكّل حوالي 60% من إجمالي واردات الضرائب. و تشكل الضرائب المباشرة مثل ضريبة الدخل, حوالي 20% من إجمالي الواردات. إنّ نظام الضرائب الحالي مليء بالثغرات التي يستفيد منها الأثرياء و أصحاب النفوذ على حساب الطبقات الوسطى والشعبيّة، كما أن نسبة الالتزام بدفع الضرائب في بعض المناطق اللبنانيّة منخفضة جداً ممّا يقلّل بشكل كبير من وارادات الحكومة.

‎أدناه أفكار أوّليّة للتفكير بالمسألة الضريبيّة اذا ما تحقّق مشروع التحوّل الفدرالي. أوّلا، يمكن للحكومة الفدراليّة أو الاتحاديّة فرض ضرائب منها الضريبة على الدخل، التي هي ضريبة تصاعديّة، أي انّها تحدّد إعتماداً على مستوى دخل. وستكون ضريبة (tva) المبيعات الوطنية ضريبة على القيمة المضافة بنسبة 10%. بالاضافة إلى ذلك ستفرض الحكومة الفدراليّة ضريبة على السلع الفاخرة كاليخوت و الطائرات الخاصّة.

يمكن للولايات أن تفرض بدورها ضريبة على الممتلكات، وهي ضريبة على قيمة العقارات، ويمكن أن تتراوح نسبتها بين 0.5% إلى 2% من قيمة العقار . يمكن أيض للولايات فرض ضريبة على القيمة المضافة(tva) بنسبة 5% . ويمكن أن تتراوح ضريبة الدخل للولاية هي ضريبة تصاعديّا بين 2.5% إلى 10% حسب مستوى الدخل.

تقسم الارادات التي تولّدها الضرائب الإتحاديّة بين الحكومة الفدراليّة و بين حكومات الولايات. تستخدم الضرائب التي تخصّ الولايات لتمويل الخدمات والبرامج على مستوى الولاية، وهي تشمل المواضيع الأساسيّة التي تحتاجها حياة المواطنين من فرص عمل، وتربية، وموارد مائيّة وكهربائيّة، وما شاكل. تحدّد كل ولاية كيفية توزيع ارادتها بناءً على احتياجاتها وأولويّاتها، علما أنّ التصوّر الفدرالي يعطي دورا أكبر للبلديّات بادارة شؤون المواطنين الحياتيّة وفق مبدأ أولوّية المستوى الأدنى على ما فوقه، أي (Principe de Subsidarite). 

تستخدم الايرادات التي تجمعها البلديات لتمويل الخدمات والمشاريع المحلية كاصلاح الطرقات وجمع النفايات، ممّا يساهم بتحسين جودة الحياة للمقيمين داخل نطاق سلطة البلدية. ستتولّى البلديّات مراقبة اي مشكلة في عملية جمع الايرادات وتحددها، فتعمل على حلّها مع حكومة الولاية.

وبموجب النظام الجديد، سيكون لكل ولاية نظام فوترة خاص بها. وستقسم الايرادات المجمعة بين الحكومة المركزية وحكومة الولايات، مع تخصيص جزء منها للبلديات التي بموجب نظام الفوترة الجديد، ستلعب دورًا أساسيًا في ضمان نجاحه، وستتولى مسؤولية جمع الايرادات من الشركات والمواطنين داخل نطاق سلطتها لتقديمها لحكومة الولاية.

يعتمد النظام الجديد للفوترة تقنية الفوترة والدفع الالكتروني، يقلّل ذلك الحاجة الى الفواتير الورقية ويسمح للمواطنين والشركات بتلقي ودفع الفواتير عبر الانترنت، مما يسهل العملية ويقلل من خطر ارتكاب الاخطاء والاحتيال، بحيث سيتم تسجيل جميع المعاملات الكترونيا، كما يتيح استخدام هذه التقنية المراقبة بشكل فوري، فتحدد الحكومة والبلديات اي مشكلة تقع بمجرد وقوعها مما يتيح وضع حلول لها اكثر فعالية وفورية.

تنفيذ هذه الانظمة الجديدة في لبنان ستأتي بمجموعة كبيرة من التحديات، وأهمها ضمان تنفيذ هذه الانظمة بشكلٍ عادل وشفاف دون ترك اي مجال للفساد. لتجاوز هذا التحدي سيتوجب وضع ارشادات واضحة وسيتعين فرض هذه الارشادات بصرامة لضمان دفع جميع السكان والاعمال التجارية حصتهم العادلة ليتم توزيعها بشكل عادل. والتحدي الآخر هو ضمان امكانية الوصول للذين يعيشون في مناطق نائية او لمن لديهم وصول محدود للتكنولوجيا. فسيتعين توفير خدمات دفع بديلة مثل الدفع من خلال البنوك او المكاتب الحكومية المحلية. 

تكرارا، كلّ ما سبق أفكار أوّليّة تحتاج للمزيد من التفكير والدراسة. نأمل أن تأخذ الحركة الفدراليّة بلبنان مسألة الضرائب وعموم المسائل المتعلّقة بالسياسات العامّة جديّا، لأنّها أساس بنجاح مشروعها.