نسيم شلهوب - أهميّة لبنان جيوسياسيّاً لايران

تقوم علاقة إيران بلبنان على عوامل متعدّدة تشتبك فيها الروابط الدينية بالاهداف السياسيّة والاستراتيجيّة المشتركة. ويمثّل حزب اللّه رابطة العقد في هذه العلاقة، باعتباره جناح المقاومة الاسلاميّة في لبنان، والقوّة الكبرى المنفذّة لأجندة إيران في لبنان و المنطقة. كما يعدّ حزب الله الوسيلة الابرز لنشر الفكر الايراني ولتعزيز النفوذ الشيعي في لبنان والمنطقة فيؤدي ذلك الى التوازن بين القوى المذهبية في المنطقة وتجعل من ايران قوة رئيسية في الشرق الاوسط. ويعزّز وجود الايراني في لبنان يعزز تأثيرها الاقليمي في الشرق الاوسط، كون لبنان يعتبر قاعدة استراتيجية للوصول الى الدول العربية المجاورة والتأثير بسياساتها. كما يعتبر الساحل اللبناني من أهمّ المنافذ البحريّة لإيران بغية الوصول الى البحر المتوسط. وبوجود حزب الله في لبنان، تتمكّن إيران من استخدام الساحل اللبناني لتأمين أحتياجاتها مما يمنحها القدرة على تنفيذ عملياتها البحرية وزيادة تواجدها العسكري في المنطقة. موقع لبنان الاستراتيجي هو موقع نقطة المركز في دائرة الشرق الاوسط. من اجل هذا كان القول الشهير "ان من يسيطر على الهلال الخصيب يسيطر على الشرق الاوسط، و من يسيطر على لبنان يسيطر على الهلال الخصيب."

وتركز ايران على تعزيز الاجندة السياسيّة والأيديولوجيّة الخاصّة بها في المنطقة، بما في ذلك تشييع ما أمكن من ناسها. وتعتبر هذه الأجندة مرتبطة بسياقات سياسية ودينية وتاريخيّة ساهمت بتصعيد التوتّرات التي تشهدها المنطقة اليوم.

بالاضافة الى ذلك تستخدم ايران لبنان كأداة ضغط في العديد من القضايا الاقليميّة، وذلك من خلال الاستفادة من قدرات حزب الله المدعوم منها دعما شاملا على الصعيد المالي و العسكري وذلك من خلال تزويده بالصواريخ والاسلحة المتطوّرة، و جعل من لبنان قاعدة عسكرية تنفذ من خلالها ضرباتها الاستراتيجيّة للحصول على تنازلات وتحقيق اهدافها السياسيّة والاقتصاديّة.

ولا يمكن فصل موجب التصدّي للهيمنة الايرانيّة على بلادنا عن ضرورة التفكير بمسألة النظام. ذلك أنّ سيطرة ايران علينا تمرّ بسيطرتها على الدولة المركزيّة. تاليا، يقلّص التحوّل الفدرالي لو حصل من تبعيّتنا لايران عبر تفكيك السلطة المركزيّة بحيث يتمّ توزيع السلطة والموارد على نطاق أوسع. وبالنظام الفدرالي، تشارك القوى المحليّة في صنع القرار وذلك من خلال فصل الولايات اللبنانية عن بعضها البعض وتمكين كل ولاية من اتخاذ القرارات الخاصة بها وتنظيم شؤونها الداخلية. ومع الاعتراف بوجود تحديّات وعوائق كبرى تحول بيننا ولين هذا الهدف، لاسيّما مع تثبيت وظيفتنا كدولة تابعة لايران وساحة من ساحات الاشتباك الاقليمي، فما هو غير ممكن اليوم يمكن أن يصير ممكنا غدا مع تغيّر موازين القوى، وهي تتغيّر دوما. المهمّ ألّا يحيد انتباهنا عن الهدفين التوأمين، عنيت رفع هيمنة ايران عنّا، وتغيير النظام.