يقرأ اللبنانيّون المتابعون للشأن العام أنّ الوساطة الفرنسيّة تراجعت بعد أن وجدت فرنسا نفسها معزولة بطرحها الرئاسي على مستوى اللجنة الخماسيّة (واشنطن والرياض والقاهرة والدوحة، الى جانب باريس). ووسط عجقة الحديث عن النتائج المتواضعة لزيارة الموفد الفرنسي الرئاسي جان-ايف لودريان، والتكهّنات، والتعليقات، لا يسأل كثر السؤال الأساس: لماذا أصلا ينبغي أن يكون هناك لجنة خماسيّة مؤلّفة من دول أجنبيّة لمتابعة شأنا لبنانيّا خالصا؟ هل لنا كلبنانيّين كلمة بنظام السيسي في مصر، مثلا، كي يكون له - أو سواه - كلمة بانتخابات لبنان؟ ثمّ ماذا لو اتّفقت الدول الخمس، وايران، على مرشّح لرئاسة لبنان لا يريده اللبنانيّون؟ هل لنا رأي بالموضوع؟
نظريّا، يمكن اقتراح انتخاب رئيس مباشرة من الشعب كي لا يتحوّل الاستحقاق الرئاسي الى معضلة كلّ مرّة. ولكنّ هذا لو حصل لن يعني أكثر من تسليم الرئاسة للمكوّن الأكثر عددا وتنظيما. بذلك نكون انتقلنا من مشكلة الى مصيبة.
يعني ما سبق أنّ النظام المركزي يضعنا أماما خيارات أحلاها مرّ: الأزمات الدستوريّة الدائمة؛ الفراغ؛ أو تسليم رقبة مكوّنات لديموغرافيا مكوّنات أخرى. باختصار، لا حلّا ممكنا من ضمن النظام المركزي، ولو طعّم ب"اللامركزيّة الاداريّة".
هكذا حياتنا الوطنيّة منذ عقود بظلّ الحكم المركزي: تختلف القوى الاقليميّة، وامتداداتها المحليّة، فيتعطلّ النظام دوريّا؛ أو تتّفق على رئيس بدون مشروع، فتعود الأمور الى مجاريها بمعنى أن تتابع المنظومة مسيرة نهب اللبنانيّين، بانتظار الأزمة التالية. هذه ليست سياسة، بالحقيقة، بل ما يحدث بغياب السياسة. هذا ما يريد جماعة "تطبيق اتّفاق الطائف" المحافظة عليه.
ولا يعني ما سبق أن لا حلّا ممكنا بالمطلق. البديل واضح. ولو صدقت النوايا، البديل سهل التطبيق، بخلاف كلّ ما يشاع زورا.