شربل صيّاح
لماذا لا يزال البعض يتمسّك باتّفاق الطائف؟
هذه القراءة تلاحظ ثلاث فئات من الأشخاص الذين لا يزالون ينادون بتطبيق هذا الاتّفاق:
الفئة الأولى : بعض الفرقاء أصحاب "النيّة الحسنة" يطرحون المشكلة السياديّة (حزب الله) و حلّها قبل التفكير بمسألة النظام .
الثّانية : أصحاب "النيّة السيّئة" الّذين يتمسّكون بالنّظام المركزي للمحافظة على مكتسباتهم ونفوذهم وإقطاعهم .
أمّا حزب الله المندرج تحت الفئة الثانية فيتمسّك به لأنّه يمكنّه من التعطيل و شلّ عمل المؤسّسات، فيبني على هذه الممارسة طرح نظام يناسبه (المثالثة أو إلغاء الكوتا الطائفية/العدديّة) .
الثّالثة : عن "سوء إدراك" لواقع المجتمع اللّبناني الذّي لا يُدار بدولة مركزيّة .
المشكلة بالفئة الأولى أنّها تتمسّك به خوفًا من الديموغرافيا، ومن هنا الحديث عن "موازين القوى" .وهذا أمر مفهموم، حيث أنّ العامل الديموغرافي سلاح يتمتّع به الإسلام السياسي .
إلّا أنّهم ينادون بتطبيق البنود الإصلاحيّة من إتفاق الطائف، منها " إلغاء الطائفية السياسية " لتحقيق المساواة في السلطة، تحت حجّة "موازين القوى"، فتظهر بحسب هذا المنطق "السكيزوفرانيا السياسية. "
أمّا بالنّسبة إلى المندرجين ضمن الفئة الثانية، فهم يعلمون أنّه في حال ذهبنا إلى حدّ أدنى من اللامركزيّة، حالاتهم السياسية المبنية على الزبائنيّة والنفوذ والمحاصصة ستنتهي حكمًا، لأنّ اللامركزيّة السياسيّة تلغي حالات الإقطاع السياسي .
هم يعلمون ذلك ،لذلك يحاولون شيطنة أيّة فكرة متقدّمة لمصلحة المجتمع العامّة .
يريدون إبقاء المؤسّسات في خدمتهم بدل أن تصبح في خدمة المجتمع .
بالنّسبة إلى حزب الله ، فهو المستفيد الأوّل من النظام المركزي من ناحيتين: أوّلًا من ناحية النفوذ السياسي و تحويل النمط السياسي اللبناني إلى نمط سياسي في خدمة مشروعه، و ثانيًا من ناحية شلّ عمل المؤسّسات.
أمّا الفئة الثالثة، فهي تقبع مع الأسف في غيبوبة سياسيّة وتتفوّه غالبًا بالـ"فلسفة" السياسيّة الفارغة بدل الانكباب على قراءة الكتب الإجتماعيّة السياسيّة العلميّة والتاريخيّة.
حزب الله بدوره يخشى المسّ باتّفاق الطائف حرصًا على أن تبقى المؤسسات في خدمته طالما يتمتّع بغلبة السلاح .
و بذلك تبقى الديموغرافيا سلاحًا يهدّد به إن لم ينصاع له شركائه .
و"الرّومنطقيّون" أصحاب شعار "العيش المشترك" فهم يساعدونه عن قصد أو غير قصد، في شيطنة أيّ طرح يخفّف من وطأة الغلبة الديموغرافيّة ويخلّص المجتمع من السلبطة المركزيّة الطائفيّة .