إدمون بخّاش - هل الأمن الذاتيّ بات يشكّل ضرورة مُلحّة في المناطق اللبنانيّة؟

من حادثة الطيّونة إلى مَظاهر الدرّاجات الناريّة المتنقّلة عبثيًّا بين المناطق، مرورًا بحوادث لاسا والقرنة السوداء، والاغتيالات، والسرقات، وحوادث الاغتصاب والخطف، وغيرها الكثير من الاعتداءات الحاصلة على المواطنين اللبنانيّين، نتيجة لغياب الدولة عمومًا وأجهزتها المختصّة خصوصًا، ونتيجة لتفلُّت السلاح، والعبور غير الشرعيّ لإرهابيّين وعصابات تهريب عبر الحدود، باعتراف الاجهزة الأمنيّة، بات من الضروريّ أن يُطرح بشكلٍ جديّ موضوع الأمن الذاتيّ في المناطق اللبنانيّة.

لا بدّ أوّلًا، من الإشارة إلى أنّ المناطق الّتي يُسيطر عليها حزب الله، ممسوكة أمنيًّا بحكم وجود السلاح، وهي تشكّل مناطق شبه مستقلّة على الأراضي اللبنانيّة. ولا يخفى على أحد، إلى أنّ العديد من المناطق اللبنانيّة بدأت فيها مظاهر للأمن الذاتيّ، دون الرجوع إلى الدولة أو أيّ مرجع رسميّ. فمن جهة، الدولة غائبة. ومن جهة أخرى، الخطر موجود فعليًّا. ومن جهة ثالثة، فإن عمليّة تنظيم حماية ذاتيّة من قبل الأحزاب والطوائف في المناطق يرفع من خطورة احتمال حصول مواجهة واشتباك مسلّح بين جماعة وأخرى، قد تجرّ البلاد في ظل الواقع المتأجّج والمتأزّم إلى حرب أهليّة مُدمرة. فما العمل والحال هذه؟

سأسمح لنفسي بأن أقترح حلًّا، أعتقد بأنّه عمليّ ويفي بالمطلوب دون تأريق الخائفين من مسألة الأمن الذاتيّ.

في المقام الأول، يجب على جميع الفعاليات المحليّة والسياسيّة والاقتصاديّة والدينيّة في كلّ منطقة، أن يجتمعوا على فكرة ضرورة انشاء جهاز يقع عليه مسؤوليّة الحفاظ على أمن وسلامة المنطقة المعنيّة.

في المقام الثاني، يجب على هذه الفعاليّات أن تحثّ البلديّات على تفعيل وتوسيع دور الشرطة البلديّة.

في المقام الثالث، لا بدّ من تأسيس هيئات شعبيّة بالتعاون مع البلديّات يكون من مهامها، توظيف شباب وشابات، واستقطاب متطوّعين ومتطوّعات لدعم عديد الشرطة البلديّة في مهامها الأمنيّة. وعلى هذه الهيئات أيضًا، أن تنشئ صندوقًا مادّيًّا محليًّا لتأمين تكاليف المشروع يُغذّى عن طريق جمع مساهمات شهريّة من السكان المحليّين، الّذين سيكونون مستفيدين بطبيعة الحال من هذه الحماية الأمنيّة. وتجدر الإشارة إلى أنّه ليس على الّذين سيتوّلَون مسؤوليّة الحماية أن يكونوا مسلّحين بالضرورة. يكفي أن يكونوا مجهّزين بأجهزة اتّصال ومعدّات لوجستيّة تسهّل عليهم الحراسة والمراقبة الليليّة.

في المقام الرابع، التنسيق بين هذه الأجهزة المحليّة وقوى الأمن الداخليّ على كافة الصُعد ، اللوجستيّة منها والمادّيّة أيضًا، لما لا؟ إذ يعلم الجميع أنّ بعض الدوريّات لا تحضر عند استدعائها بحجّة عدم توفّر المحروقات للآليّات.

هكذا خطوات تسهّل على القوى الأمنيّة عملها، إن لسرعة التدخّل والاستجابة عند الضرورة وإن لتحسين أدائها في حفظ الأمن، وتضمن بالمحصّلة للجميع بأنّ السلاح هو بأيدي القوى الأمنيّة حصرًا.

كثيرة هي الحلول الممكنة، ولكن نقوم بواجبنا هنا في اقتراح حلّ عمليّ، قد يلهم البعض، أو ربّما يتبنّاه البعض الآخر، وهذا كلّه لقناعة منّا، مبنيّة على وقائع، بأنّ الأمن الذاتيّ بات ضرورة ملحّة في جميع المناطق اللبنانيّة.