هشام بو ناصيف - تويتر ديما صادق: عن خفّة الRadical Chic

قال تقرير بالحلقة الأخيرة من برنامج السيّدة ديما صادق عن مجزرة حولا أنّها وقعت كخرق للهدنة مع لبنان. قدّمت السيّدة صادق الهجوم على حولا كعمل هدفه القتل من أجل القتل، أي انّها وضعته خارج سياقه التاريخي. بالحقيقة، وقعت مجزرة حولا بتشرين الأوّل من العام 1948، في حين أنّ اتّفاقيّة الهدنة الرسميّة بين اسرائيل ولبنان وقّعت بآذار 1949. ليس واضحا كيف يمكن للهجوم أن يكون خرقا لهدنة رسميّة لم تكن سارية يوم تمّ.

والحال أنّ الدقّة صعبة على السيّدة صادق بالمسائل المتعلّقة باسرائيل، كما يبدو من التويتر الخاصّ بها. نعلم جميعا أنّ هجمات 7 اكتوبر الارهابيّة رافقتها فظائع من نوع اطلاق الرصاص عشوائيّا على شباب يلهون بحفلة غنائيّة، وقتل أطفال، ونساء، مع سحل بعضهنّ بالشوارع. مات أكثر من 1200 انسانا بهذه الهجمات، ولكنّ السيّدة صادق أشادت بها تكرارا واحتفلت فورا ب"الكفّ الذي أكلته اسرائيل" بفيديو وضعته على تويتر، لعلّه من أسوأ ما سمعت بحياتي، وأيضا، أوضعه.

وأمّا السوء، فلأنّ التهيّب كان ينبغي أن يسيطر على من رأى ما فعلته "حماس"، لا الفرح الذي عبّرت عنه السيّدة صادق. نعم، التهيّب، لأنّ واحدنا لم يكن يحتاج لكثير ذكاء لتصوّر طبيعة الردّ الاسرائيلي، وحجمه، بعد 7 اكتوبر. أمّا كيف يجتمع بآن الزعم بحبّ الفلسطينيّين، والتعبير عن الفرح قبل أيّام من محرقة آتية بحقّهم لا محالة، فهذا ما لا جواب له سوى الخفّة.

وأمّا الوضاعة، فهو لأنّ لا علاقة لأطفال صودف أنّهم يهود ولدوا باسرائيل قرب غزّة بمأساة الشعب الفلسطيني. من غير المعقول تحميل ولد أو مراهق بالعام 2023 مسؤوليّة أحداث يعود تناسلها الى القرن التاسع عشر. باستثناء أنّ أطفالا قتلوا فعلا بالسابع من اكتوبر، ونساء، ومراهقين، وعجائز. 

لن تعترف تويتر السيّدة صادق، بحكم قناعاتها، أنّ اتفّاقيّة السلام بين الأردن واسرائيل حمت الأردن، وأنّ اتّفاقيّة السلام بين اسرائيل ومصر، حمت مصر. لا تقبل السيّدة صادق، بصفتها وريثة جديرة لليسار الطائفي الذي خرّب لبنان، قبل أن يجهز عليه الخمينيّون تماما، بأقلّ من "ازالة الكيان الغاصب". ليست مشكلة طبعا أنّ هذه الايدولوجيا لا تخدم غير المحور الذي حوّل القضيّة الفلسطينيّة أداة سلبطته الطائفيّة على المشرق ولبنان. ولا هي مشكلة أنّ دبي المتصالحة مع اسرائيل تراكم التقدّم، في حين تنتقل بيروت من مأساة الى أخرى. ليس كلّ ذلك مشكلة بحسبان السيّدة صادق، لاسيّما أنّ حروب ازالة "الكيان الغاصب" لا تقتل سوى الفقراء، وهذا ما لا يؤثّر بطبيعة الحال على حياتها هي. وعموما، ليمت الفقراء؛ المهمّ استمراريّة ستايل ال Radical Chic على الشاشات، ومواقع التواصل.

بالحقيقة، لا يمكن مواجهة حزب اللّه عبر المزايدة عليه بخطابه. هذه المعركة لن يربحها أحد غيره. يمكن مواجهة الحزب، بالمقابل، عبر تبنّي ايديولوجيا مناقضة، تضع السلام حيث يضع هو الجهاد، والاقتصاد والتنمية حيث يضع الاشادة بالشهادة، والعلاقات الطبيعيّة مع الغرب، حيث يضع هو الحرب الى الأبد.