هذا ليس أهل الجنوب

مازن عسيران

لم يحصل في تاريخ الجنوبيّين أن كانوا معتدين أو كارهين للضيوف والغرباء، فكيف بمن جاء ليشرف على السلام في منطقتهم وقراهم ومن عمل ويعمل على مساعدتهم وتحريك عجلة حياتهم الاقتصاديّة والسياحيّة ناقلًا صورةً المفترض أن تكون جميلة عنهم.

ما شاهدته في الصور المنشورة من اعتداءات على دوريّة إيرلنديّة تابعة لقوّات حفظ السلام في جنوب لبنان (unifil) وما قرأته على وسائل التواصل من تهجّم وكلام عدائي من جنوبيّين بحقّ جنود هذه القوّات وطرق عملهم لهو مستغرب وبعيد عن طبع الجنوبيّين وأخلاقهم وصفاتهم. بل لهو أمر مستهجن ومحزن أن يُشحن هذا الشعب الّذي اشتهر بسلميّته بهذا الكمّ من الحقد والتحامل تجاه من ترك بلاده ليخدم في أرض الجنوب ساعيًا للسلام فيه وباسطًا الطمأنينة لشعبه.

هذه ليست المرّة الأولى الّتي تتعرّض فيها القوّات الدوليّة لاعتداءات مِن مَن يسمّون "بالأهالي" والّتي غالبًا ما تكون رسائل سياسيّة يُراد أن تصل للمعنيّين.

لقد تعايش الجنوبيّون بوئام ومعاملة حسنة طيلة عشرات السنوات مع قوّات حفظ السلام الدوليّة في جنوب لبنان وعمل العديد من الأهالي ضمن هذه القوّات الّتي كانت مصدرًا للعملة الصعبة. وتستأجر هذه القوّات أبنية وأراضٍ كما إنّهم يسيحون في الربوع الجنوبيّة وينفقون بالعملة الأجنبية.

وتقدّم اليونيفيل المساعدات الطبيّة والاجتماعيّة مجّاناً للسكان المحليّين. كما تقدّم برامج تدريبيّة مختلفة في مجالات عدة.

ويُذكر أنّ القوّة المؤقتة للأمم المتّحدة في لبنان تأسّست بواسطة مجلس الأمن في آذار/مارس 1978 للتأكيد على انسحاب إسرائيل من لبنان، واستعادة الأمن والسلام الدوليّين ومساعدة الحكومة اللبنانيّة على استعادة سلطتها الفعّالة في المنطقة. تمّ تعديل المهمة مرّتين نتيجة التطوّرات في عام 1982 و عام 2000.

وبعد حرب تموز/ آب/ 2006، عزّز مجلس الأمن القوّة مضيفًا إلى جانب مهامها الأخرى مهمّة مراقبة الحدود ووقف الاعتداءات، ومرافقة ودعم القوات اللبنانيّة في عمليّة الانتشار في جنوب لبنان، وتمديد المساعدة لتأكيد وصول المعونات الإنسانيّة للمواطنين المدنيّين والعودة الطوعيّة الآمنة للمهجّرين.