نعيم قاسم: رحيلنا انتقامٌ منك

فؤاد مطران

كان واضحًا نعيم قاسم، خلال تصريحه الأخير، بمطالبة كلّ من لا يشبهه بالرحيل. فقد قال نائب الأمين العام لحزب الله: "إنّنا مع لبنان الّذي يريد مستقبل أجياله، ويكون سيّدًا مستقلًّا وقويًّا، فهذا لبنان الّذي أصبحت له سمعة في العالم بسبب المقاومة وبسبب الانتصارات، هذا هو لبنان الّذي نريده، فمن أراد التَحق به، ومن لم يرد فليبحث عن حلّ آخر. أنتم لا تشبهون لبنان، نحن الّذين نشبهه، لأنّ من يرتبط بوطنٍ يجب أن يرتبط به سيّدًا حرًّا مستقلًّا".

بكلّ بساطة، نقول لنعيم قاسم: رحيلنا عن لبنان هو انتقامًا سهلًا منك ومن مشروعك وهويّتك. هل تتخيّل ماذا سيحلّ بك وبالبيئة الّتي تدعمك إذا أصبح لبنان يشبهك فعلا؟

فما يشبهكم لن يكون مختلفًا عمّا حلّ بسوريا والعراق واليمن، وقد يكون أفضل نموذج باستطاعتكم تقديمه هو النموذج الإيراني: دولة منعزلة عن العالم، على شفير المجاعة، لا تقدّم لمواطنيها سوى الخراب والويلات.

فلو أردنا "البحث عن حلّ آخر"، لكنّا تلذّذنا بطعم الإنتقام، وشاهدنا من بعيد المصائب والكوارث والحروب والدماء الّتي ستهديها لبيئتك بشكل متواصل. وكأنّها جهنّم أبديّة لا تتوقّف عذاباتها إلّا بزوال الشيطان الّذي لا يملك إلّا الشر.

وكنّا لنقول لأنفسنا: "فليتحمّل كلّ إنسان مسؤوليّة خياراته".

لكنّنا قرّرننا، في الداخل والمهجر، عدم التخلّي عن وطننا. فلبنان لم يصبح مثلك بعد، ونحن لسنا من هواة الإنتقام. سنناضل لتحريره من احتلالك، وسنمنح كلّ لبناني كرامة العيش والرفاهية، ولن يحمل لبنان إلّا هويّة الحريّة والإنسانيّة المنفتحة على العالم بأسره.