المعارضة البحرينيّة ليست قضيّتي

هشام بو ناصيف

أيّ مصلحة للبنان بافتعال أزمة مع دولة البحرين على خلفيّة استضافة مؤتمر للمعارضة البحرينيّة في بيروت؟ الجواب أن لا مصلحة إطلاقًا. يكفينا التوتّر المستمرّ مع السعوديّة والكويت والإمارات. آخر ما نحتاجه اليوم خلاف جديد مع دولة خليجيّة أخرى.

وهنا طبعًا جوهر المشكلة القديمة-الجديدة، عنيت الصدام بين حقّنا الطبيعي كلبنانيّين بوضع مصلحة بلادنا فوق كلّ اعتبار آخر، من جهة؛ وبين الهويّات الطائفيّة العابرة للحدود التي تكره لبنان انطلاقًا من حقدها الطائفي على القائلين به، والتي تستجلب تدخّل المحيط لتدميرهم، وبلادهم. أمّا وأنّ التقيّة والنفاق جزء من ثقافة المنطقة، فيندر طبعًا التعبير الصريح عن الكراهية الطائفيّة المذكورة، وعن الولاء الطائفي العابر للحدود. ولكن ما يدفع حزب اللّه إلى ذبح المصلحة الوطنيّة كرمى للمعارضة (الشيعيّة) البحرينيّة هو هذا الولاء تحديدًا. الأمر صحيح طبعًا بالنسبة لعلاقة الحزب مع ايران، وسوريا، والحوثيّين، وسائر قوى محور ملالي طهران في المنطقة. واستطرادًا: ما دفع قسمًا آخر من اللبنانيّين بالماضي لذبح البلاد كرمى لعبد الناصر، أو ياسر عرفات، هو أيضًا الولاء الطائفي العابر للحدود، واسمه الحركي هو، البارحة كما اليوم، "فلسطين".

هل قطعت مصر علاقاتها بإسرائيل أثناء اجتياحها للبنان عام 1982؟ الجواب أن لا، طبعًا.

هل فقد ملالي طهران ليلة نوم واحدة يوم قضى أكثر من ألف لبناني في حرب صيف 2006؟ الجواب أن لا مجدّدًا.

هل توقّفت الحياة في دبي لأنّ حياتنا نحن باتت جحيمًا؟ تكرارًا، لا.

لماذا ينبغي علينا اذًا أن نقبل بذبح لبنان مرّة، واثنتين، وعشرة، في سبيل كلّ قوى المنطقة، وقضاياها؟ الجواب، مجدّدًا، هو حدّة الكراهية الطائفيّة، والولاء الطائفي. يتساوى هنا الطائفيّون الصريحون (القوى الإسلاميّة)، مع الطائفيّين المقنّعين (منتحلو صفة اليسار في لبنان).

وعمومًا، لنكن واضحين: 1) التقسيمي اليوم هو من يضع مصلحة المعارضة البحرينيّة فوق مصلحة لبنان. 2) التقسيمي البارحة هو من صفّق لياسر عرفات يوم رقص على أشلاء بيروت. 3) الحياة المشتركة مع هؤلاء محال. 4) نريد حلًّا. وهذا الحلّ ليس "العلمنة"، ولا "اللامركزيّة الإداريّة"، ولا "إلغاء الطائفيّة السياسيّة"، ولا شعار "لبنان الرسالة"، ولا سائر الهراء المشابه.

ما الحلّ اذا؟

إلى الآن، نفكّر بمعادلة حياد + فدراليّة. مستقبلًا، لو فكّرنا بما بعد بعد الفدراليّة، فلا حرج.

الأمور بهذا الوضوح.