مقال ملاك عقيل (صحافيّة في موقع نهاد المشنوق) اليوم مدرسة. بحسب عقيل،"أزمة تحقيقات طارق البيطار" مستعصية بانتظار ايجاد حلّ يلزم ابن العدليّة "الضالّ" بالعودة الى "رشده القضائي" (هكذا، حرفيّا). يعني الأزمة ليست أنّ أكثر من مئتي بريء فقدوا حياتهم في انفجار المرفأ. ولا الأزمة كلّ ما تفعله النخبة الحاكمة منذ الانفجار لمنع التحقيق. اطلاقا! الأزمة هي "أزمة تحقيقات القاضي البيطار".
تذكّر عقيل في مقالها هذا الصباح ("قريبون من برّي: البيطار يلعب بالنار") بوصف رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي للبيطار بأنّه "متآمر" وصاحب الأداء "المشبوه". كيف؟ على أيّ أساس؟ لا توضح عقيل حجّة هذه الاتّهامات الخطيرة، بل تكتفي بترويجها. العمل الصحافي على أصوله هكذا يكون، على ما يبدو: يعطي الصحافي طرفا حقّ كيل الاتّهامات لطرف آخر، دون منح الأخير حقّ الردّ، أو أن يعطي المقال أقلّه دليلا على صحّة الاتّهامات.
ولكن درّة المقال ختامه: تسييس البيطار للتحقيق "مفضوح" بحسب عقيل، ولا يمكن تنفيذ أوامره لأنّ قسما كبيرا من الرأي العام يرى المطلوب توقيفهم "ضحيّة"، علما أنّ توازنات البلد الطائفيّة لا تسمح بالتنفيذ أصلا. يعني بعد المدرسة الصحافيّة في صياغة المقال، يأتي دور المدرسة القانونيّة: تنفيذ الأوامر القضائيّة ينبغي أن يقف أوّلا على خاطر "الرأي العام".
حسنا. ان لم يكن باستطاعة الدولة المركزيّة تنفيذ أوامر قضاتها عندما تصطدم بلاعب يتمتّع بتمثيل طائفي وازن كحركة أمل، فما فائدة الحكم المركزي أصلا؟ لن تطرح عقيل على نفسها هذا السؤال طبعا. الممناعة تحبّ الدولة المركزيّة كثيرا – باستثناء عندما يتصرّف قاض نزيه كما ينبغي لرجل دولة أن يفعل، بطبيعة الحال.