أزمة القطاع الصيدلي: غياب الوزارة والنقابة

طوني الخوري

يومًا بعد يوم تتظهّر أكثر هشاشة الأمن الصحي في لبنان، ولا سيّما في ظلّ سعر العملة المتقلّب، حيث كلّ حاجيات المواطن اللبناني أصبحت من الرفاهيّات، وأخيرًا وليس آخرًا ما آلت إليه الأوضاع بعد رفع الدعم الجزئي عن الدواء الّذي أصبح شبه محصور بالطبقة الميسورة. نذكر على سبيل المثال وليس حصرًا:

• الأنسولين Ryzodeg ارتفع سعره من 183,845 ألف ليرة إلى 733,411 ألف ليرة.

• Amlor 5 ارتفع سعره من 14,548 ألف ليرة إلى 132,938 ألف ليرة.

• Lipitor 10 ارتفع سعره من 42,470 ألف ليرة إلى 516,119 ألف ليرة.

لقد رفعت وزارة الصحة مؤخّرًا الدعم عن معظم الأدوية، وما يتردّد عن رفعٍ شبه كليّ قرابة نهاية السنة، مع استثناء بعض أدوية الأمراض المستعصية، ينذر بازدياد الأزمة استفحالًا.

كل ذلك في ظلّ غياب شبه كليّ لنقابة الصيادلة، مع العلم أنّ دور النّقابة هو استشاريّ وغير ملزم.

فقد أصبح الصيدليّ في مواجهة المواطن، مع غياب أيّة آليّة دوائيّة من جانب وزارة الصحة لتأمين الدواء من المستورد إلى الصيدلي، وعبره للمريض، حيث رُمِيَت الكرة على مصرف لبنان، في ظلّ تعذّر تأمينه الإعتمادات اللّازمة للإستيراد.

كما فُقدت معظم الأدوية من السوق ولاسيّما بعد إجبار وزارة الصحة الصيادلة على بيع مخزونهم على سعر الصرف الرسمي (1,500 ليرة للدولار)، الأمر الّذي أدّى إلى تهريب نسبة كبيرة من الأدوية إلى الخارج بطريقة غير شرعيّة، وبالتالي شحّها في السوق اللبناني.

كلّ هذه المشاكل الّتي يواجهها الصيادلة، وأهمّها عدم حماية الجعالة وتطبيق للمادة ٨٠، أدّت إلى خسائر في رأس مال الصيدليّات. أضف إلى ذلك المصاريف التشغيليّة للصيدليّات والّتي تضاعفت بشكل هائل عن السّابق، خصوصًا مع رفع الدّعم عن المحروقات اللّازمة لتأمين الكهرباء ونقل البضائع.

في ظلّ كلّ ما ذكر أعلاه، تراكمت المشاكل على رأس الصيادلة وعائلاتهم، فهم كغيرهم من المواطنين يدفعون مبالغ كبيرة لتسديد فروقات الإستشفاء. ويزيد الأمر سوءًا غياب أيّ خطوة من قِبل النقابة لدفع شركة التأمين المعتمدة إلى المساهمة أكثر في تغطية كلفة استشفاء الصيدلي وعائلته، أو معالجة مشاكل الصيادلة المتقاعدين الّذين باتت معاشاتهم زهيدة وأقلّ من رمزيّة.

بالإضافة إلى كلّ ما ذُكر، ظهرت مشكلة ملحّة جديدة في ظلّ الأزمة غير المسبوقة، ألا وهي قيام معظم المكاتب العلميّة بالحدّ من موظّفيها. والمثال الأبرز الّذي يمكن ذكره هو شركة Novartis الّتي استغنت عن عدد ليس بقليل من المندوبين الصيادلة. أضف إلى ذلك انسحاب بعض الشركات تدريجيًّا من السوق لعدم قدرتها على تكبّد المزيد من الخسائر، الأمر الّذي يؤدّي بطبيعة الحال إلى:

• خسارة الكثير من الوظائف

• فقدان الدواء الـ "brand"

• خسارة الاستثمارات في مجالات التوظيف والتسويق والنقل، وغيرها…

• غياب عامل المراقبة المباشرة للشركة المصنّعة للأدوية من دول المنشأ

• تراجع دور لبنان في جودة الأدوية وعدم تماشيه مع الاكتشافات العلميّة عالميًّا.

كلّ هذه المشاكل وغيرها تقع على عاتق وزارة الصحة على مدى سنين طويلة، وهي الّتي فشلت في وضع سياسة دوائيّة فعّالة وأدّت بإهمالها إلى تراجع قطاع الصيدلة بشكل مخيف.

جلّ ما نتمنّاه هو أن يُصار إلى اعتماد سياسة دوائيّة واضحة تحدّ من فقدان الدواء في السوق وتحافظ على دور الصيدلي الصحي والإنساني.