التمديد: عود على بدء؟

حنان رحمة

من يراقب تصريحات الأوساط الموالية يعلم أنّ فكرة تمديد ولاية رئيس الجمهوريّة ميشال عون الّتي لاحت مؤخّرًا بعد مقابلات للأخير ليست جديدة. على سبيل المثال لا الحصر، قال النائب في تكتّل "لبنان القوي" ماريو عون أوائل هذا العام في مقابلة تلفيزيونيّة إنّ تمديد الولاية ضروري، بل إنّ "عدم التمديد للرئيس عون هو ظلم بحقّه وبحقّ قسم من الشعب اللبناني." يومها، أثار تصريح النائب عون موجة سخرية كبيرة على مواقع التواصل الإجتماعي، ولعلّه بدا للبعض عفويًّا وغير مدروس أو منسّق مع زملائه في التيّار. ولكن، بالعودة إلى مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط قبل ذلك، عام 2018، أكّد ماريو عون بصراحة نيّة التيّار العوني التوصّل إلى "تعديل دستوري يسمح بالتجديد للرئيس عون عند انتهاء ولايته الرئاسية بعد 4 سنوات،" مضيفًا أنّ "في مرحلة لاحقة يطمح فريقنا السياسي إلى الاستمرار في الحكم عبر رئيسه، أو أي شخصيّة يختارها فريقنا، لذلك لن نجاري الآخرين في خياراتهم."

ليس في هذه التصريحات من لبس. صحيح أنّ الرئيس عون نفى في حديث صحفيّ في خلال زيارته إلى قطر أيّ نيّة بالتمديد لنفسه، إلّا أنّه زاد غموض تصاريحه المتضاربة غموضًا عندما أردف رفضه التمديد بجملة "سأغادر عند انتهاء ولايتي، إلّا إذا كان لمجلس النواب كلام آخر، وهذا الامر ممكن ولكنه غير مرغوب به ولا مخطّط له." ومن غير الواضح ان كانت المقابلة صفّارة الإنطلاق لمسار التمديد، أم أنّ الكلام مناورة هدفها الضغط بغية التوصّل إلى تسوية تضمن توريث النائب جبران باسيل كرسي الرئاسة، مقابل تراجع الموالين عن طرح التمديد.

دستوريّا، التمديد غير ممكن. ولكنّ طرحه، ومحاولة جسّ النبض عبر إثارة الموضوع إعلاميًّا ثمّ نفيه، تشي بأنّ شيئًا ما يحضّر، خصوصًا في ظلّ إعلان الرئيس صراحةً أنّه لن يوقّع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى 27 آذار للإقتراع، وفي ظلّ الطعن بتعديلات قانون الانتخاب الّذي تقدّم فيه نوّاب "لبنان القوي" أمام المجلس الدستوري، والّذي من المرجّح أن يأخذ البتّ فيه وقتًا طويلًا. تاليًا، الإنتخابات النيابيّة في خطر، وقد يحصل فراغ، ويستعمل هذا الفراغ ذريعة لتبرير "ضرورة" التمديد.

وعمومًا، لو حصل التمديد، لن يشكّل سابقة في الحياة السياسيّة اللّبنانيّة. فبالعودة إلى تاريخ انتخابات رئاسة الجمهورية يتبيّن أنّه سبق وتمّ التمديد لولايات ثلاثة رؤساء. السابقة الأولى كانت مع تمديد ولاية الرئيس الراحل بشارة الخوري الثانية عام 1949. إلّا أنّ الولاية الممدّدة لم تستمرّ بسبب "الثورة البيضاء" آنذاك الّتي أجبرته على الاستقالة عام 1952، لتبدأ بعدها سنوات لبنان الذهبيّة مع عهد الرئيس كميل شمعون (1952 – 1958). وفي العام 1995، مدّد مجلس النوّاب بأكثريّة واقعة تحت سيطرة الإحتلال السوري ولاية الرئيس الرّاحل الياس الهراوي، أمّا المرّة الثالثة وأيضًا في ظلّ الاحتلال، فهي تمديد ولاية الرئيس إميل لحود عام 2004.

كلّ هذه التمديدات، وطرح امكانيّة تمديد ولاية عون، يعيد تأكيد المؤكّد لجهة أنّ الدستور في لبنان وجهة نظر، ليس إلّا.