إنتخابات الجبل: لنفكّر قليلًا قبل التحالف مع جنبلاط (2/2)

فؤاد مطران

في سياق حديثه لجريدة "النهار"، أشار رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع في ما يخص التحالفات المرتقبة في الإنتخابات، إلى "أنّنا سنخوض الإستحقاق وحدنا ونشكّل لوائح مع شخصيّات مستقلّة، باستثناء الجبل الّذي له خصوصيّة ووضعيّة خاصة حيث سنتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي".

وهنا أرى أنّه لا بدّ من دعوة القاعدة الشعبيّة القواتيّة، بشكل أخوي وبكل محبة، إلى التفكير مليًّا في هكذا تحالفات والغاية المرجوّة منها:

-أولًا، ألا يجب في ظل هذه المواجهة الّتي تحتلّ السيادة عنوانها الأبرز، أن تُعطى الأولويّة للإعلان عن تحالفات سياديّة مع مجموعات ترفع شعارات واضحة ضد سلاح حزب الله والسيطرة الإيرانيّة على لبنان؟

فالقول إنّ زعيم الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط لا يزال سياديًّا في مواقفه، فيه نوع من الإنفصال عن الواقع. مواقفه في الآونة الأخيرة خير دليل على تموضعه، حتى حين يُصعّد اللهجة قليلًا ضد الحزب الأصفر، يسارع فورًا إلى التوضيح أو التراجع. وقد قالها صراحةً الأسبوع الماضي في مقابلة مع "لوريان لوجور": "لا أريد الإنضمام إلى جبهة سياسيّة ضد حزب الله".

-ثانيًا، لو اتّخذ وليد جنبلاط موقفًا محايدًا في المواجهة السياديّة مع حزب الله، لكان بالإمكان تفهّم الواقع التحالفي معه في الإنتخابات النيابيّة. لكنّ جنبلاط في موقعه الحالي أقرب إلى حزب الله منه إلى القوى السيادية. فهو في صلب معادلة "المافيا – الميليشيا" الّتي تتحكّم برقاب اللبنانيّين والّتي يحميها حزب الله لإرساء دعائم احتلاله.

فكيف يمكن ضرب هذه المعادلة، الّتي يكرّرها المسؤولون القوّاتيّون على ألسنتهم، إذا عُقدت التحالفات مع أبرز أركانها؟ هل سيقبل جنبلاط المسّ بهذه المعادلة الّتي تهدّد وجوده السياسي قبل أيّ شيء آخر؟

-ثالثًا، ألا تستحق ثورة 17 تشرين والشعارات الرافضة للفساد الّتي رفعتها أن تُأخذ بعين الإعتبار لدى عقد التحالفات؟ أليس تشديد القوات على خوض الإنتخابات بشكل مستقلّ (باستثناء وليد جنبلاط) يهدف أساسًا للإبتعاد عن الفاسدين؟

فإذا أردتم وضع مسألتي السيادة والفساد جانبًا، فما من مشكلة حينها من العودة إلى التحالف مع سعد الحريري أيضًا.

-رابعا، قد تخسر القوّات اللبنانيّة نائبًا واحدًا إذا لم تتحالف مع الإشتراكي، لكن ذلك سيعطي القوى التغييريّة الصاعدة فرصة حقيقيّة لخرق لائحة الحزب التقدمي الإشتراكي، إستنادًا لأرقام انتخابات عام 2018، والأجواء الّتي تعيشها منطقة الجبل حاليًّا.

وليد جنبلاط لديه مصلحة بالتحالف مع القوّات لتحصين وضعه انتخابيًّا. لكنّ المواجهة الكبرى تتطلّب عدم مساعدة أركان المنظومة على سدّ ثغراتهم.

-خامسًا، أتوجّه إلى القاعدة الإشتراكيّة، والّتي هي بلا أدنى شك قاعدة سياديّة رافضة كليًّا لسيطرة حزب الله: على هذه القاعدة مسؤوليّة إعادة تصويب بوصلة التوجّهات الوطنيّة لقيادة حزبها، أو اللجوء إلى خيارات جذريّة لدى اختيار ممثليها. كما عليها أن تعرف جيدًا أنّ مصالحة الجبل التاريخيّة ستبقى راسخة وثابتة بمعزل عن التحالفات الانتخابيّة.