بشّار
إذا كنّا نعتقد أنّ هيمنة حزب الله العسكريّة، ومن ثمّ السياسيّة، على قرارات الدّولة هي السّبب الرّئيس الّذي أوصلنا إلى ما نحن فيه، فماذا يجب أن تكون خياراتنا في الانتخابات القادمة، إن حصلت؟
ربما تسهل الإجابة على هذا السّؤال إذا سألناه معكوسًا، أي ما هي النتائج الإنتخابية المتاحة الّتي تريح حزب الله أكثر من غيرها.
على المستوى المسيحي وهو الأهم في ما يخصّ الإنتخابات القادمة، فمن المؤكّد أنّ أسوأ النّتائج بالنسبة إلى حزب الله هو حصول القوّات اللّبنانية على أغلبيّة واضحة من أصوات المسيحيّين ومقاعدهم النيابيّة. أمّا أكثر ما يريح الحزب فهو صمود العونيّين وحفظهم ماء وجههم ومقاعدهم في البرلمان، بمساندة حلفاء الحزب من القوميّين السوريّين والطاشناق وغيرهم. وإذا تعذّر الوضع الأخير فيفضّل حزب الله أن تتفرّق الأصوات المسيحيّة الرّافضة لهيمنته على لوائح عدّة ممّا سيضعف تمثيلها النّيابي ويخفت أصواتها السياسيّة المناهضة له.
أمّا على المستوى السّنّي، فلن ينزعج حزب الله أبدًا من تكرار خيارات ٢٠١٨ وهي مزيج من حمائم تيّار المستقبل بقيادة سعد الحريري وضيوف لوائحهم من أيتام النّظام السوري المدلّلين، بالإضافة طبعًا إلى ما يسمّى سُنّة ٨ آذار. أمّا أكثر ما يزعج حزب الله فهو ظهور خيار سُنّي آخر يؤدّي إلى فوز عدد من مرشّحين سُنّة رافضين بشكل صريح لهيمنة الحزب من أمثال أشرف ريفي ومعين المرعبي.
أمّا على المستوى الدّرزي فلا أمل للحزب بتغيّر الخيارات الدرزيّة إلّا بشكل محدود. كما أنّه لا يرى في تكرار فوز وليد جنبلاط بالمقاعد الّتي حصل عليها في ٢٠١٨ مسألة تستحق القلق.
أمّا في الحالة الشيعيّة، فأسوأ ما يمكن أن يحدث للحزب في الحالة القصوى، فهو خسارة مقعد أو مقعدين من المقاعد الشيعيّة، وهو أمر مستبعد.
لكن يبقى السّؤال، ماذا يمكن للنّواب والقوى السياسيّة الرّافضة لهيمنة حزب الله أن تفعل، في حال فوزها بتلك المقاعد النيابية، في ظلّ سطوة الحزب وامتناع إدارة بايدن عن التّصدّي لإيران ومشروعها في لبنان والمنطقة؟
الإجابة ليست سهلة والفرص المتاحة قليلة. لكنّ أضعف الإيمان هو أن يلتزم سياديّو المجلس النّيابي القادم بموقف علني ومكثّف ضد حزب الله وسلاحه. وأن يكونوا جاهزين، عبر شرعيّتهم التّمثيليّة، لملاقاة أي مُعطى إيجابي في مواجة الحزب، كتغييرٍ بسياسة الإدارة الأمريكيّة الحاليّة تجاه إيران مثلًا، أو فوز إدارة أخرى ذات توجّه مختلف في الإنتخابات القادمة إلى ما قد يصاحب ذلك من بروز موقف أكثر وضوحًا وفعاليّة من الدّول العربيّة المناهضة للمشروع الإيراني.