هشام بو ناصيف
التسريبات الأخيرة المنسوبة لوزير الخارجيّة اللبناني مثيرة للاهتمام. ملفت تحديدًا قول بو حبيب ما يلي:"الأميركان كانوا يضغطون بشدّة خلال عهد ترامب وبوجود وزيره بومبيو، ويطلبون منّا التخلّص من حزب اللّه. إنّما كيف يمكن التخلّص؟ قلت لهم مرّة: ابعثوا 100 ألف مارينز وخلّصونا". يفترض أنّ بو حبيب حليف لحزب اللّه؛ يبدو بوضوح من التسريبات أنّه كذلك فقط بغياب المارينز. لو يأتون كي "يخلّصونا" لعلّ وزير خارجيّتنا يكون أوّل المرحّبين.
ليست المرّة الأولى التي تفضح تسريبات ما يفكّر فيه حلفاء الحزب المفترضون حقّا. قبل سنوات، تمكّن اللبنانيّون من أن يتلصّصوا على ما يقوله سياسيّو البلد في مجالسهم المقفلة بعد تسريب وثائق ويكيليكس. بدا يومها أنّ نجيب ميقاتي يصف حزب اللّه في لقاءاته مع المسؤولين الأميركيّين ب"الورم". لاحقًا دافع ميقاتي عن موقفه موضّحًا أنّه لم يحدّد ما إذا كان الورم خبيثًا أم حميدًا. لنقل أنّ لا ضرورة أن يكون واحدنا كاثوليكيًّا كي يكون جزويتيًّا بالسياسة.
ماذا عن حليف الحزب الآخر، نبيه برّي؟ ولعه القديم بالحزب يترجم دوريًّا اشتباكات بين عناصر أمل وحزب اللّه تعبّر عمّا يختلج فعلًا في صدور الصغار والكبار، وإن كان الآخرون أكثر قدرة على ضبط العواطف كما ينبغي بالسياسيّين المحترفين أن يفعلوا بطبيعة الحال.
كان "أتاتورك" يردّد أن لا صديق للأتراك سوى الأتراك. الأمر عينه صحيح على ما يبدو بالنسبة إلى حزب اللّه. صديق الحزب الحقيقي بندقيّته. لو تختفي من المعادلة وتتمكّن الأفئدة من الإفصاح عمّا في داخلها، ربّما يكتشف اللّبنانيّون أنّ عواطف أخصام الحزب المعلنين تجاهه معتدلة بالمقارنة مع عواطف حلفائه المفترضين. ولعلّ أوّل العالمين ببواطن الأمور هو حزب اللّه نفسه، المخيف ما بقي مسلّحًا، والخائف من خناجر مختبئة ستغرز ولا ريب في ظهره عند أوّل لحظة انكشاف. لا يُحسد الحزب على حلفائه طبعًا. ولكنّه في نهاية المطاف لا يستحقّ أحسن منهم.