هشام بو ناصيف
لا يا سعد الحريري. استدعاء الدكتور سمير جعجع للتحقيق لا يقع إطلاقًا "في خانة العبثيّة". ثمّة أمور كثيرة يمكن اتّهام حزب اللّه بها؛ العبثيّة ليست واحدة منها. الأمور شديدة الوضوح: 1) موازين القوى الدّوليّة والإقليميّة مختلّة لمصلحة إيران. حزب اللّه يحاول ترجمة هذا الخلل عبر الإطباق الكامل على الدولة اللبنانيّة، بدءًا بضرب القضاء وعرقلة التحقيق بملفّ المرفأ. 2) القوّات اللّبنانيّة هي العقبة الأخيرة أمام الإستسلام اللّبناني الكامل للحزب؛ الأخير يحاول اليوم تكرار ما نجح به الإحتلال السوري عام 1994: خنق الصوت الحرّ الأقوى في المعادلة الداخليّة.
لو تنازلت القوّات للحزب، لتغيّر المشهد. من يتحالف مع إيلي حبيقة يمكن له أن يتحالف مع سمير جعجع بسهولة أكبر. باستثناء أنّ القوّات لم تتنازل، والحزب لا يقبل بأقل من الإستسلام اللّبناني الكامل. تاليًا، رأس القوّات مطلوب.
هل سعد الحريري لبناني؟ هو يحمل جواز السّفر اللّبناني طبعًا، ولكن هل تعني له هذه البلاد شيئًا على المستوى الشعوري؟ هل يرضى لبلاده أن تبقى محميّة إيرانيّة؟ هل يقبل أن يستمرّ انهيار طبقتها الوسطى ورحيل كادراتها، حتّى يصبح مجرّد الأمل بالتعافي يومًا ما مفقودًا؟ يمكن طرح الاسئلة نفسها بطريقة مختلفة: هل يستحقّ الطموح بالعودة لرئاسة الحكومة هذا القدر من التبعيّة الذيليّة لحزب اللّه؟
إن كان الجواب أن لا، فليبن مع سمير جعجع تحالفًا جديدًا يعيد الى اللّعبة الداخليّة حدًّا أدنى من التوازن، وليضع ما حدث بينه وبين رئيس القوّات في السعوديّة خلفه. لبنان أهمّ منهما معًا. صحيح أنّ السلاح معطى أساس في تكوين ميزان القوى. ولكنّ السلاح وحده ليس كلّ شيء، وإدارة اللّعبة بما يحفظ الحدّ الأدنى من المصلحة اللّبنانيّة فيها لا يزال ممكنًا لو يتّفق الحريري مع جعجع.
أمّا إن كان أقصى طموح سعد الحريري أن يصبح حسّان دياب آخر فـ ... رحم اللّه شهيد استقلالنا الثاني، رفيق الحريري. لن نقول أكثر.