خمينيّو لبنان: استحالة السياسة، وضرورة الردّ

هشام بو ناصيف

تعيد الأحداث الأخيرة في لبنان تأكيد المؤكّد: السياسة مع حزب اللّه غير ممكنة. لا أقصد هنا السياسة بمعناها الطوباوي بما هي التزام أخلاقيّ لخدمة المجتمع، بل بمعناها البراغماتي كتنافس على السلطة، وتفاوض بين أطراف اللّعبة يفترض الاتّفاق على قواعدها، وأيضًا، مرونة مفتوحة على إمكانيّة النقاش والتسوية. "السياسة" مع حزب اللّه تعني أن يخيّرك دومًا بين اثنين: الرضوخ التامّ له، أو الحرب الأهليّة. باستثناء طبعًا أنّ هذه ليست سياسة، بل نتيجة من نتائج تغييبها. "السياسة" هنا ليست أكثر من انقلاب عسكري مستدام.

لا مجال، والحال هذه، سوى الردّ – بما في ذلك كما فعلت عين الرمّانة عندما تنزلق زبانيّة الخمينيّة إلى ما انزلقت إليه البارحة. لا إنسان طبيعي يفرح بالعنف، ولكن هكذا فعل يستجلب (ويجب أن يستجلب) هكذا ردّ فعل. نقطة، انتهى.

نعم للردّ إذًا. بالسّلم عندنا يكون العمل سلميًّا، وبأيّ طريقة أخرى إذا تكرّر الهجوم على عين الرمّانة. ولكن لا لتطييف الردّ. المسألة ليست خلافًا بوجهات النظر حول الفضائل المتقابلة لمار شربل والحسين بن علي. ولا هي خلافًا مع الشيعة ككلّ وبصفتهم هذه. للتذكير فقط: لقمان سليم كان شيعيًّا، وكذلك كان هاشم السلمان. من يستطيع أن يزايد لبنانيًّا على دمائهما، ليتفضّل. وللتذكير أيضًا: حبيب الشرتوني وسليمان فرنجيّة مسيحيّان. أيّ طعنة وجّهها مسلم للبنان أكبر من طعنات هؤلاء؟

نعم للردّ، تكرارًا. ونعم أيضًا لوضعه بإطاره الصحيح: نحن لبنانيّون، نواجه كلبنانيّين مشروعًا إيرانيًّا للسيطرة على بلادنا عبر عملاء محليّين. من يتواطأ مع هذا المشروع عدوّنا. ومن يقاومه شريكنا، بغضّ النظر عن السرديّة الدينيّة التي صودف أنّه ولد فيها. من وجهة نظر لبنانيّة، الأمور بهذا الوضوح.